بقلم : سليمان جودة
كنا ندرس فى كلية الإعلام أن مجلة «دير شبيجل» الألمانية، واحدة من أعرق المجلات وأكثرها مصداقية، ليس فى ألمانيا وحدها ولكن على مستوى مجلات العالم كلها.. وكنا ندرس أن كلمة دير شبيجل فى الألمانية تعنى المرآة، وأن القصد من وراء اختيار هذا الاسم بالذات، هو التأكيد على أن هذه مجلة تعكس الواقع كما يحدث على الأرض، دون تهوين من شأنه ولا تهويل فى حجمه!.
أما مناسبة هذا الكلام فهى أن المجلة نشرت هذا الأسبوع تقريراً، قالت إنه من بين تقارير المخابرات الألمانية، وإنه يضم معلومات جديدة لم تُنشر من قبل، حول فيروس كورونا الذى أثار فزع العالم، وحيرته، ومخاوفه، ولا يزال يثيرها ويجددها!
المعلومات التى قالت دير شبيجل إنها معلومات مخابراتية، هى أن مخابرات ألمانيا رصدت مكالمة جرت يوم ٢١ يناير بين الرئيس الصينى شى جين بينج، وبين تيدروس أدهانوم، مدير منظمة الصحة العالمية، وأن الأول كان يطلب من الثانى فى المكالمة تأجيل الإعلان عن ظهور فيروس اسمه كورونا فى مدينة ووهان الصينية!.
ومما جاء فى التقرير أيضاً وأشارت إليه المجلة، أن ذلك الطلب من جانب الرئيس الصينى قد أضاع على العالم ستة أسابيع تقريباً فى مواجهة الوباء اللعين!.
ولأن المجلة التى نشرت هى دير شبيجل، وليست مجلة سواها، ولأن التقرير المشار إليه منسوب إلى المخابرات الألمانية بجلالة قدرها، وليس إلى أى مخابرات، فإن منظمة الصحة العالمية قد سارعت إلى نفى الموضوع كله، فقالت إن مكالمة بين مديرها وبين رئيس الصين لم تتم فى هذا التاريخ المذكور، وأنهما لم يتحدثا تليفونياً من قبل على الإطلاق!.
وليس سراً أن مسؤولية الصين عن ظهور الوباء وتسترها على ظهوره، محل شد وجذب غير مسبوقين بين واشنطن وبكين، وعلى أعلى المستويات فى البلدين.. وهل هناك مستوى أعلى من ترامب ذات نفسه، الذى اتهم الحكومة الصينية تصريحاً وتلميحاً عدة مرات، بأنها تتحمل المسؤولية عما يعانيه العالم من جراء كورونا؟!.. ليس هذا وفقط.. ولكن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، قال هو الآخر قبل أيام، فى حديث مع محطة إيه بى سى التليفزيونية، إن لدى بلاده «أدلة هائلة» على أن الفيروس خرج من مختبر فى ووهان!.
وكما نفت الصحة العالمية ما نشرته المجلة الألمانية، نفت حكومة الصين كل ما صدر عن ترامب وعن وزير خارجيته فى هذا الشأن.. وكأن قضية مثل قضية كورونا التى خنقت العالم، يمكن أن تؤخذ بهده الدرجة من الخفة، بين طرف يؤكد بقلب جامد، وبين طرف آخر ينفى بلا مبالاة!