بقلم - سليمان جودة
هذا كتاب يستحق أن تقرأه، وأنا أرشحه لك لثلاثة أسباب: الأول أنه كتاب أردنى مصرى، والثانى أنه يتناول قضية حاضرة بقوة فى حياتك وحياتى، والثالث أنه يتناولها بطريقة علمية خالصة تقوم على الحقيقة الثابتة، ولا يتناولها بطريقة الكلام العام الذى لا يضيف شيئاً إلى القارئ!.
الكتاب هو: لعبة الوهم.. الإسلام بين الغرب والإرهاب.
أما المؤلفان فالدكتور ذيب القرالة، المستشار الإعلامى فى سفارة الأردن بالقاهرة، والدكتور كامل فتحى.. وأما الناشر فهو دار أُفق للخدمات العلمية!.
وهو يتعرض لقضية الإرهاب التى راح الغرب يتلقفها، ويربط.. عن قصد.. بينها وبين الإسلام، مع أن العلاقة منتفية بينهما فى عين كل إنسان يتطلع إلى الأمور بموضوعية وإنصاف.. وليس هناك ما هو أقوى فى نفى مثل هذه العلاقة من عبارة أوردها المؤلفان على لسان كارين أرمسترونج، تقول: إن علاقة النبى محمد بالإرهاب كعلاقة عيسى بالحروب الصليبية!.
يتعقب الكتاب جميع التنظيمات الجهادية الكبيرة، التى ظهرت ولاتزال فى المنطقة، من أول تنظيم القاعدة فى أفغانستان، مروراً بمرحلة التنظيم نفسه على يد أبومصعب الزرقاوى، فى العراق، وانتهاءً بتنظيم داعش الذى تمدد فى أكثر من دولة، ومعه تنظيم جبهة النصرة فى سوريا، لافتاً انتباه القارئ إلى أن ظهور القاعدة فى أفغانستان.. مثلاً.. كان بعد الغزو الأمريكى لها، وأن ظهور قاعدة الزرقاوى، ومعها داعش، كان بعد غزو العراق على يد بوش الابن، وهكذا.. وهكذا.. فى كل حالة، ومع كل تنظيم من هذا النوع.. والمعنى أن أسباباً سياسية دولية مجردة كانت وراء خروج التنظيمات الجهادية إلى النور!.
ولم تكن هناك أسباب دينية، ولا كانت هناك أى علاقة للإسلام، كدين، أو كفكر، بها.. كلها كانت- لمَن يتقصى بتجرد- أسباباً لها أقوى صلة بالسياسة الأمريكية غير العادلة، فى أكثر من دولة من دول المنطقة، وبالسياسة السوفيتية أيام أن كان فى الدنيا شىء اسمه الاتحاد السوفيتى، وبالسياسات المحلية الظالمة لحكومات عربية كثيرة بالتأكيد!.
وكل ما عدا ذلك ليس إلا محاولة جرت فى أوروبا وفى أمريكا، ولاتزال، فى اتجاه تصوير كل تنظيم من هذه التنظيمات على أنه يتصرف بوحى من الإسلام، ومن تعاليمه، ومن نصوصه.. ولم يكن هذا صحيحاً بأى درجة، ولا بأى مقياس، ولا فى أى وقت، ولكنه كان إيهاماً للملايين بعكس الحقيقة.. لا أكثر!.
وحين كان أبوبكر الصديق، أول خليفة فى الإسلام، يودع جيشاً إلى الحرب، أوصى قائد الجيش فقال: لا تقتلوا كبيراً، ولا امرأة، ولا وليداً، ولا تُخرّبوا عمراناً، ولا تقطعوا شجرة إلا لنفع، ولا تعقروا بهيمة إلا لنفع، ولا تحرقوا نخلاً، ولا تغدروا!.
هذه هى وصية خليفة الإسلام الأول للجيش فى الحرب.. فما بالنا بوصاياه للناس فى غير حال الحرب؟!.
قال أناتول فرانس، أديب فرنسا الأكبر، يصف يوم هزيمة العرب والمسلمين أمام شارل مارتل، فى معركة بلاط الشهداء، بعد وجود عربى فى الأندلس دام ثمانية قرون من الزمان.. قال: هذا أسوأ يوم فى تاريخ فرنسا، ففيه انهزم العلم الذى جاء به المسلمون، والفن الذى جاء به العرب، على يد بربرية الفرنجة!.
ومن يومها يبدو أن هناك مَنْ راح يُروّج، وبقوة، للعكس!!
نقلا عن المصري اليوم