بقلم : سليمان جودة
أتوقع أن تقف الدكتورة إيناس عبدالدايم أمام البرلمان لتعلن شيئاً قريباً مما أعلنه وزير الثقافة فى المغرب عثمان الفردوس!. فالدكتورة إيناس تحمل حقيبة الثقافة فى الحكومة، وعليها تقع مسؤولية عظيمة، وهل هناك مهمة أعظم من إتاحة الثقافة للناس، كما يتاح لهم رغيف الخبز فى كل صباح؟!.. ولأنها عازفة موسيقية فى الأساس، فهى تملك حساً عالياً تجاه فنون الثقافة كلها، وتدرك جيداً أن الثقافة فى بلد مثل مصر هى طعام يومى لا بديل عن أن يكون طازجاً، وتدرك أيضاً أن الثقافة كتاب، ومسرحية، ولوحة تشكيلية، ومقطوعة موسيقية، وتمثال منحوت على يد فنان، وفيلم يحمل معنى وهدفاً، وأغنية توقظ المشاعر الإيجابية فى الوجدان الوطنى.. الثقافة هى هذا كله وسواه مما يشكل الوعى العام!.
وهذا تقريباً ما وقف وزير الثقافة المغربى يعلنه فى بلده العريق، الذى يتكئ على تاريخ يجمع بين عمق البحر ورحابة المحيط.. وقف الفردوس يقول إن قطاع الثقافة أصابه الضرر البالغ فى أجواء كورونا، وإن الدولة سوف تعوضه وتقف إلى جانبه، وإنه لابد من احترام أهل الثقافة والفكر والفن، وإن موارد صندوق دعم الأنشطة الثقافية إذا كانت قد تراجعت بنسبة ٩٥٪، فالحكومة فى الرباط ترى ذلك وترصده وتقدم يد العون!.
وقد امتدت يدها بالفعل، ومنحت صناعة النشر والكتاب دعماً قدره ١١ مليون درهم، وأعطت الإنتاج السينمائى ستة ملايين ونصف المليون درهم، ورصدت للمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية ٢٢ مليون درهم!.. وكان هذا كله مما يبعث على الأمل!.
وسوف لا تتوانى الدكتورة إيناس فى المقابل عن بث نوع من الأمل الموازى فى القاهرة.. وكانت قد سبقت فوعدت اتحاد الناشرين بدعم سوف يصله مع بدء الميزانية الجديدة أول هذا الشهر!.. والمؤكد أنها سوف تجعل انتماءها المهنى إلى فن الموسيقى طريقاً إلى دعم الثقافة بمفهومها العام، الذى يضم الموسيقى كما يضم غيرها من الفنون على السواء!.
والوزيرة تعرف بالتأكيد أن دعم الناشر من جانبها فى مرحلة ما بعد كورونا ليس مجرد دعم لناشر يملك دار نشر، ولا مجرد دعم لمؤلف يضع كتاباً، ولكنه دعم لصناعة مكتملة عاشت تنشر النور فى كل الأرجاء.. ولا يختلف الحال مع كل فن آخر من فنون الثقافة!.
الثقافة هى التى تضىء العواصم، خصوصاً إذا كانت عاصمتين من وزن القاهرة والرباط فى محصولهما الثقافى الذى يسجله التاريخ.. ولا تضاء قاهرة المعز إلا بإضاءة مواقع الثقافة فيها، كما لا تكتمل هذه الإضاءة إلا بتعزيز قدرة الكتاب على أن يصل إلى القارئ المصرى والعربى معاً.