بقلم : سليمان جودة
هذه قصة فيها من الرمز أكثر من أى شىء آخر، وهى تعطينا المعنى الأهم الذى علينا أن نظل نستحضره فى كل مناسبة، وليس فقط فى ذكرى العبور إلى النصر!.
والقصة الرمزية تقول إن مريضًا طال مرضه فى أيام عمر بن الخطاب، الذى لما سمع بأن المريض لا يستجيب لعلاج، طلب أن يأتوا به إليه!.
وقد جاءوا به فعلًا، فلما رآه الخليفة الراشد الثانى مرّر إحدى يديه على جبين المريض، ثم تلا فاتحة الكتاب، ودعاهم إلى العودة بالرجل إلى بيته.. ومما قالوه بعدها أنه قد شُفى تمامًا وقام من مرضه مثل الحصان!.
وقد مضت سنين بعد الواقعة، فمات «عمر»، يرحمه الله، وعاود المرض صاحبنا من جديد، وبحثوا عن علاج فلم يجدوا، وظل فى مكانه يعانى.. وفى غمرة معاناته ذكر واحد من أهل بيته أن مريضهم لما مرض من قبل بالمرض نفسه عرضوه على «ابن الخطاب»، ففعل كذا وكذا فاختفى الوجع!.
وجاء مَنْ يفعل ما كان «عمر» قد فعله، فقرأ فاتحة الكتاب ومرّر إحدى يديه على جبين المريض، الذى بقى على مرضه دون شفاء!.. ولما كرروا ما كان «ابن الخطاب» قد فعله ولم يجدوا فائدة، صاح واحد من أقرباء الرجل بملخص الحكاية كلها، فقال: الفاتحة هى الفاتحة.. ولكن أين يد «عمر»؟!.
وفى ذكرى يوم العبور، نذكر أن العظيم أنور السادات عبر بهذا البلد من الهزيمة إلى النصر، وأنه يومها لم يعبر وحده، ولكنه كان على رأس جيش أعظم، ثم كان الرئيس والجيش معًا يحتميان بشعب يجلس على تاريخ، هو العظمة كلها!.
ولكن المسألة يومها لم تكن مسألة تاريخ مضىء وفقط، وإنما كانت مسألة حاضر أيضًا كان يستمد عافيته من تاريخنا الممتد، ثم كانت مسألة نصر أقسم الأطراف الثلاثة.. الرئيس والجيش والشعب.. على أن يصنعوه بما يليق بهذا البلد!.. وقد صنعوه فعلًا.. فعاش نصرًا منقوشًا فى وجدان كل مصرى، وكل عربى، أكثر مما عاش مكتوبًا فى صفحات التاريخ!.
والسؤال هو: إذا كان المصريون الذين صنعوا النصر فى زمانه هُم المصريون الآن.. فأين يد أكتوبر؟!.. إن المعركة التى علينا أن نخوضها هذه الأيام فى مثل حجم معركة أكتوبر وربما أكبر، ولكنها على مستوى مختلف.. والرئيس لن يخوضها وحده، ولا الجيش، ولا الشرطة.. ولكن سيخوضها الشعب قبل الثلاثة.. ونجاحه فيها مرهون بوجود سلاح واحد فى يده، هو
«وعى أكتوبر».. وهذه مهمة تقع على كاهل مؤسسات كثيرة فى الدولة، غير أن إعلامنا هو المؤسسة الأولى.. فانتبهوا.. انتبهوا بكل ما لديكم من حواس الانتباه!.