بقلم : سليمان جودة
كلام المتحدث باسم الرئاسة التركية عن عدم رغبة بلاده فى أى مواجهة معنا أو مع فرنسا على أرض ليبيا، لا يجب أن يخدعنا لأسباب كثيرة!
أول هذه الأسباب أن أنقرة تناقض نفسها، فتتحدث عن عدم الرغبة فى المواجهة، ثم ترسل السلاح بكل أنواعه إلى قاعدة الوطية فى الغرب الليبى، وترسل الميليشيات الذين تتصيدهم من كل مكان إلى حكومة فايز السراج فى العاصمة الليبية طرابلس!
والسبب الثانى أنها فيما يبدو لم تذهب إلى التسويق لفكرة عدم المواجهة إلا بعد أن رأت القاهرة تكشر عن أنيابها، وإلا بعد أن اكتشفت أن حديث مصر عن خط أحمر فى محور سرت- الجفرة جد لا هزار فيه، وإلا بعد أن تبين لها أن ذهابها إلى أى مواجهة فوق الأراضى الليبية، سيتحول على الفور إلى كابوس لن يفارق أردوغان فى اليقظة ولا فى المنام!
والسبب الثالث أن لقاء مشايخ القبائل الليبية مع الرئيس فى القاهرة، قد جعلها تراجع نفسها سريعًا، حين أدركت أن مليونًا من أفراد القبائل ينتظرونها، وأنهم يتطلعون إلى كل شخص يرسله الرئيس التركى إلى بلادهم، باعتباره غازيًا لا بديل عن القضاء عليه، ثم ينظرون إلى أى وجود تركى فى ليبيا بوصفه احتلالًا، ولا بد بالتالى من التعامل معه على هذا الأساس!
والسبب الرابع أنها حتى وهى تتكلم عن عدم رغبة فى المواجهة، تتحدث عن مساندة لن تتوقف من جانبها لحكومة السراج فى طرابلس.. والأجدى بها أن تلتفت إلى أن مثل هذه المساندة لا تختلف فى الحقيقة عن المواجهة التى تنفى رغبتها فيها!
والسبب الخامس أنها تعرف أن بقاءها فى حد ذاته على أى مساحة ليبية، هو مشروع للمواجهة ترفضه مصر وتتعامل معه بما يستحقه!
والسبب السادس أن محمود جبريل، رئيس الوزراء الليبى الأسبق، الذى خطفه الوباء فيمن خطف، كان قد كشف اللعبة كلها منذ وقت مبكر جدًا.. قال يرحمه الله إن هناك مَنْ يتخيل أن فى قدرته استعادة مصر عن طريق ليبيا!!.. قالها بعد سقوط الإخوان بشهور، ولم يكن هناك وقتها حكومة للسراج فى طرابلس، ولا كان هناك مرتزق تركى واحد فيها، ولا كانت هناك هذه المواقف الدولية والإقليمية المتخاذلة تجاه الليبيين!.