بقلم : سليمان جودة
لا أزال أذكر اللحظة التي أبلغنى فيها السفير إيهاب بدوى، سفيرنا الهُمام في باريس، بأن الرئيس عدلى منصور انتصر لجامعة النيل وقرر الوقوف إلى جوارها! كان ذلك في آخر ٢٠١٣، وكان بدوى متحدثاً رسمياً باسم الرئاسة، وكان المستشار منصور يتابع استغاثات الجامعة واحدة وراء الأخرى، فلما تبين له أنها صاحبة حق في نزاعها على كامل أرضها ومبانيها مع الدكتور زويل يرحمه الله، قرر الانتصار لها باعتبارها مؤسسة علمية من نوع جديد في بلدنا، وباعتبار أن هذا النوع من مؤسسات العلم في البلد في حاجة على الدوام إلى مساندة من صاحب القرار!
أذكر اتصال السفير بدوى معى وأحمله له، وأذكر موقف الرئيس السابق منصور وأسجله له أيضاً، وأدعو إلى أن يكون موقف الرجلين قدوة للآخرين في الانتصار لكل مؤسسة تعليمية جادة، سواء كانت هذه المؤسسة هي جامعة النيل أو غير جامعة النيل!
ولابد أن كل طالب من طلاب هذه الجامعة الأهلية الوليدة سوف يذكر هو الآخر فيما بعد، أنه مع زملاء له كثيرين قضوا أسابيع وشهوراً على الرصيف، في انتظار السماح لهم بدخول جامعتهم، وأن منصور وبدوى كانا في المقدمة من الذين ساندوهم واصطفوا إلى جوارهم!
وقد كنت طوال معركة الجامعة مع الدكتور زويل، أعرف تماماً قدر الرجل ومكانته هنا وفى الخارج، وكنت أردد هذا المعنى في كل مرة أعود فيها للموضوع في حياته.. وكانت الفكرة التي أرتكز عليها في كل سطر كتبته عوناً للجامعة، أن البلد يتسع لصاحب نوبل ويتسع لجامعة النيل معه، وأن قيام مدينة زويل ليس من الضرورى أن يكون على حساب جامعة كانت وقتها لاتزال تتحسس خطواتها على طريق العلم الطويل!
وكانت الفكرة في الجامعة حين نشأت منذ وقت مبكر على يد الدكتور أحمد نظيف، أن التعليم الأهلى غير الهادف للربح هو الحل أمام بلدنا في سبيله إلى مستقبل يليق به، لأنه تعليم يقف في المنطقة الوسطى بين التعليم الحكومى الذي تبدو عينه بصيرة ويده قصيرة.. فإمكاناته المتاحة لا تسعفه.. وبين التعليم الخاص الذي لا يستطيع بحكم فلسفته التي تحكمه أن يتخلى عن تحقيق الربح كهدف!
وعندما أتأمل مسيرة الجامعة في هذه اللحظة، أكتشف أنها مسيرة تنطبق عليها الآية الكريمة التي تقول «كُتب عليكم القتال وهو كُره لكم» أكثر مما تنطبق على أي جامعة سواها!.. ولا يزال الدكتور مصطفى مدبولى مدعواً إلى مد يد العون إليها، كما مد المهندس إبراهيم محلب يده لها ذات يوم!