بقلم سليمان جودة
قرأت كتاباً للأستاذ تركى الدخيل، مدير قناة العربية، عن الوزير هشام ناظر، السفير السعودى السابق فى القاهرة.
الكتاب صدر فى أثناء انعقاد منتدى الإعلام العربى، فى دبى، من 10 إلى 11 مايو الماضى، وكان المؤلف يوقعه لرواد المنتدى، فى اليوم الأول لانعقاده!
وإذا كان الشىء الذى يهم القارئ المصرى، فى هشام ناظر، أنه سفير المملكة السابق فى القاهرة من 2005 إلى 2011، فالرجل تولى مواقع أخرى أهم بكثير، ليس أولها أنه أول وزير للتخطيط فى الرياض، وأنه أول رئيس لشركة أرامكو، أكبر شركات البترول فى العالم، ولا آخرها أنه كان وزيراً للنفط لسنوات طويلة، وأنه جاء إلى الوزارة خلفاً للوزير العنيد أحمد زكى يمانى، وأنه تعامل مع خمسة ملوك فى بلاده، بدءاً من الملك فيصل، مروراً بخالد وفهد، وانتهاءً بالملك عبدالله والملك سلمان.
وقد رحل الوزير، فى العام الماضى، وقبل رحيله كانت جلسات ممتدة، قد انعقدت فى بيته فى جدة بينه وبين تركى الدخيل، وكانت قد أثمرت هذا الكتاب المهم، لولا أنه صدر، فى غير حياته، ولولا أنه يرحمه الله عاش ليراه فى الأسواق، فلما خرج الكتاب فى طبعة ضخمة فخمة، كان صاحبه قد غاب عن دنيانا!
وقد اختار المؤلف لكتابه عنواناً لافتاً فجاء على غلافه ما يلى: هشام ناظر.. سيرة لم تُرو!.. وبمعنى آخر فإنها سيرة لم يسبق أن رواها أحد عن صاحبها، ولا رواها هو بالطبع!
ويروى «ناظر» أنه رافق الرئيس مبارك يوماً، من جدة إلى مكة، ثم عودة إلى جدة، وأن تلك الرفقة الطويلة قد أتاحت له حديثاً مطولاً مع الرئيس الأسبق، وكان ذلك فى ديسمبر 2005.
غير أن أهم ما فى الحديث المطول، ما همس به مبارك إلى هشام ناظر، عن السبب الحقيقى وراء قراره بتعديل المادة 76 من دستور 1971، بما أدى إلى تنظيم أول انتخابات رئاسية فى مصر!
ما قال به مبارك، عن أسباب التعديل، لهشام ناظر، يقال لأول مرة، ولا أعتقد أنه قيل من قبل على لسان أحد!
لقد عشنا نسمع أسباباً مختلفة للتعديل، منذ عام 2005 إلى اليوم، ولكنها المرة الأولى التى يكشف فيها «ناظر» فى كتابه، أن مبارك أبلغه أن خوفه من أن يحصل الإخوان على الأغلبية فى برلمان 2005 هو سبب إقباله على تعديل تلك المادة الشهيرة فى الدستور.. وكان تقدير الرئيس الأسبق، كما روى للسفير السعودى السابق، أنهم إذا حصلوا على أغلبية الثلثين فى البرلمان أصبح فى إمكانهم ترشيح رئيس منهم، وتعيينه من خلال استفتاء، حسب نص الدستور وقتها.. ولذلك، كان قراره بأن يأتى الرئيس انتخاباً مباشراً، لا استفتاءً، لأنها الطريقة الأكثر ضماناً، ولأن الانتخاب المباشر وحده هو الذى كان كفيلاً، فى ذلك الوقت، بإبعاد كل عابث عن موقع الرئيس!
هذه رواية مبارك لهشام ناظر، وهى رواية لم يسمع بها ولا بمعناها أحد منا من قبل، فكل روايات تعديل المادة 76 كانت بعيدة عن ذلك تماماً، ولابد أن الشىء المحزن فيها حقاً أن مبارك لم يلتفت إلى أنه، وهو يحصن منصب الرئيس ضد الإخوان، قد نسى أن يحصن البلد بامتداده!