توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الناس ثلاثة

  مصر اليوم -

الناس ثلاثة

بقلم - سليمان جودة

الناس ثلاثة: واحد من الأسوياء، وآخر يعانى من عيب خِلقى جاء به إلى الدنيا ولا ذنب له فيه، وثالث يعيش على عيب خُلقى اكتسبه من الحياة.

فالذى يحيا بعيب في عينه، أو في إحدى قدميه، أو في النطق، أو في سوى هذا كله، يظل بريئًا مما فيه لأنه وُلد به، ولأنه لا يستطيع أن يتخلص منه، ولأنه يتمنى لو كان كبقية الناس الأسوياء، لولا أن المسألة ليست في يده ولا يملك تعديلها.

ولكن اللص على سبيل المثال يعانى من عيب خُلفى.. أي في أخلاقه.. وهو لم يولد هكذا، ولكنه جاء الحياه سويًّا كشأن أي إنسان سوى، فلما جاءته فرصة للسرقة سرق، ثم استمر في هذا الطريق دون أن يصادف ما يمكن أن يعيده إلى ما كان عليه.

وقد قرأنا عن اللص الذي كان يتزعم مجموعة من اللصوص، وعن أنهم لما جلسوا ذات يوم يدعونه إلى طعام يأكلونه اعتذر عن عدم مشاركتهم، وكان السبب أنه صائم!!.. وقد أدهشهم أن يكون لصًّا وصائمًا في ذات الوقت، ولكنه سرعان ما فسر لهم الأمر فقال إنه يحب أن يكون بينه وبين الله تعالى باب مفتوح لعل وعسى.

وكان المعنى أن هذا اللص الصائم لم يولد لصًّا، وكان المعنى أيضًا أنه اكتسب ما يمارسه من سرقات ولم يولد به، وأنه ليس راضيًا عن عيبه الخُلقى، وأنه يتمنى بينه وبين نفسه لو تخلص مما فيه، وأنه لا يستطيع أن يقاوم نفسه، ولا يستطيع أن يكبح نزوعها إلى الشر، وأنه يترك خلاصه للسماء لعلها تساعده، وأنه لهذا يصوم رغم ما يرتكبه.. وأنه.. وأنه.. إلى آخر ما حاول أن يشرحه لرفاقه ولكنهم في الغالب لم يدركوا ما يقصده.

ومن الجائز أن يكون لصًّا بدرجة فيلسوف ما دام هذا هو حاله مع عيبه الخُلقى، لأنه يعرف أنه اكتسب ما يعيشه، ولأنه يعرف كذلك أن ضعف نفسه هو الذي جعله على هذا الحال، ولهذا، فهو بما يصومه يأبى إلا أن يحاول العودة لحياته السوية التي ولدته أمه عليها.

وأنت لا تملك إلا أن تعطف على صاحب العيب الخِلقى، لأنه برىء مما يعانيه، ولأنه ليس هو الذي وضع هذا العيب في جسده، ولكن ما الذي عساك أن تفعله مع صاحب العيب الخُلقى؟.. هل تشفق عليه؟.. ربما.. بل ربما تعطف عليه كذلك، لأنك تراه ضعيفًا أمام عيبه، ولأنك قد تراه مريضًا في حاجة إلى علاج.. ربما أيضًا.. ولكن لا الشفقة ولا العطف يمنعان من إدانته لأن ما يقوم به لا يوجد ما يبرره تحت أي ظرف ولا تحت أي شعار.

هذه حياتنا في النهاية كبشر.. فيها وفيها.. ولا تملك إلا أن تراقب الأنواع الثلاثة من الناس على مسرحها، ثم تعجب مما تراه وترصده، وتعجب أكثر مما تتابعه على مستوى كل نوع منها، فربما كان هذا التنوع سرًّا من بين أسرار الحياة.. والشاعر القديم أراد أن يلخص الموضوع فقال: سبحان مَنْ أعطى فلا عتاب ولا ملامة.. أعمى وأعشى ثم ذو بصر وزرقاء اليمامة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناس ثلاثة الناس ثلاثة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon