بقلم سليمان جودة
هل يراد منا، أن نصدق، أن زيارة سامح شكرى المفاجئة إلى إسرائيل، هى فى الأساس من أجل تحريك ملف السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أو حتى من أجل متابعة مبادرة الرئيس، التى كان قد طرحها فى هذا الاتجاه، فى مايو الماضى؟!
هل يراد منا هذا؟!.. إذا كان الذين يريدونه منا، يتوقعون أن نصدقه، أو نبتلعه، أو نهضمه، فإننا نرجوهم أن يراجعوا أنفسهم، لا لشىء، إلا لأنه كلام لا ينطلى على عقل، ولا لشىء، إلا لأنه كلام يقال لناس بلا عقول!
إن مبادرة الرئيس كانت قبل أكثر من شهرين، وكانت مبادرة صادقة النية، بقدر ما كانت موضع تقدير فى وقتها، ولو كان شكرى يريد متابعتها، وسماع رأى الجانب الإسرائيلى فيها، لكان قد فعل ذلك فى مايو.. وليس فى يوليو!
وإذا كان هناك من يتصور أن الزيارة من أجل البحث عن سبيل للوصول إلى حل الدولتين على أرض فلسطين: دولة إسرائيلية، ودولة فلسطينية، فالحقيقة أننا نبحث عن هذا الحل منذ نوفمبر 1947، عندما صدر قرار التقسيم الشهير، ولانزال نبحث عنه، ولم نصل إليه على مدى 69 عاماً، ولن نصل إليه خلال 69 عاماً أخرى قادمة، إذا ظللنا كفلسطينيين، وكعرب، نبحث عنه، بالطريقة نفسها، وننتظره من واشنطن، مرة، ومن تل أبيب، مرة، دون أن ننتبه إلى أنه لن يتحقق إلا إذا صدر من عندنا نحن بإرادة عربية، وليس من أى عاصمة منهما!
ما هدف الزيارة الحقيقى إذن؟!.. الواضح أن هناك علاقة مباشرة بينها، وبين زيارة رئيس وزراء إسرائيل إلى إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، ورواندا، وهى زيارة عاد منها نتنياهو، قبل زيارة شكرى إليهم، بساعات!
وقد كان هناك جدل كبير، ولايزال، حول توقيت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى، وحول اختياره أربع دول فى حوض النيل تحديداً، ليتجول فيها، ويعقد اتفاقيات، ومؤتمرات، ويطلق تصريحات!
ثم كان هناك جدل أكبر حول زيارته إلى إثيوبيا على وجه التحديد، ومدى علاقتها بملف سد النهضة.. وإذا تصورنا أن ملفاً كهذا لم يكن على رأس مباحثاته مع رئيس وزراء إثيوبيا، فنحن فى غاية السذاجة، وإذا تصورنا أن زيارته ليست مكملة لزيارة أوباما إلى الدولة نفسها، قبل عدة أشهر، فنحن نضحك على أنفسنا، ولا نضحك على أحد سوانا!
قد تكون زيارة شكرى ناجحة، ومهمة، وفيها كل مزايا الدنيا.. ولكن توقيتها سوف يبقى غير موفق بالمرة، لأنه توقيت يضعها فى مقام رد الفعل، لا الفعل، وهو يذكرنى بتوقيت إعلان اتفاقية تيران وصنافير مع السعودية!
إننا مصممون على أن نتخذ القرار الصح، فى التوقيت الخطأ، فتكون النتيجة لدى الرأى العام، هى تفريغه من مضمونه تماماً!