سليمان جودة
إذا لم توجع المعانى الواردة فى هذه الرسالة قلب كل مسؤول يعنيه الأمر فى البلد، ليتحرك، فلا أمل.. وإذا قرأها أى منهم ثم طوى الصفحة مكتفياً بمصمصة شفتيه، فالعوض على الله.. هذا إذا كان الله تعالى سوف يعوض أناساً لا يعرفون ماذا عليهم أن يفعلوا فى بلدهم!
الرسالة جاءتنى من الدكتور أحمد كامل مرتجى، الأستاذ فى طب عين شمس، وفيها يطرح سؤالاً أعتبره موجهاً إلى الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى، وأطلب منه الجواب.
السؤال هو: كانت عندنا فى الستينيات خطط خمسية لتعليم المتفوقين من طلابنا، على حساب الدولة، من خلال بعثات فى الخارج.. فكم طالباً لنا يتعلمون هناك هذا العام، وما هى خطط العام المقبل، والأعوام التالية؟!
يروى الدكتور مرتجى أنه قابل طالباً يدرس فى لندن ذات يوم.. كان الطالب من علوم المنصورة، وكان يبحث عن حل للقضاء على التلوث الصادر عن مصنع فى محافظته، وكان هذا هو موضوع رسالته للدكتوراة، وقد تفوق فيه، ووصل إلى حل فعلاً، وعاد ليطرحه على أصحاب القرار فى البلد، فلم ينصت إليه أحد، فاختطفته شركة أمريكية براتب خيالى، ولايزال يعمل فيها إلى هذه الساعة!.. بما يعنى أن الدولة، من خلال إدارة البعثات فى وزارة التعليم العالى، قد أنفقت على الشركة الأمريكية، ولاتزال تنفق عليها، وليس عليه هو فى لندن!
وإذا كانت نسبة كبيرة من الحاصلين على نوبل من بين العلماء اليهود، فهذا فى ظن الدكتور مرتجى ليس لأن هناك «جين تفوق» خاصاً باليهود، ثم «جين تخلف» - مثلاً - خاصاً بغيرهم.. وإنما لأن اليهود يهتمون بشكل خاص جداً بتعليم الأطفال، ويعتبرون هذا الهدف أولوية أولى فى ثقافتهم، ولذلك، فالتفوق بين علمائهم صناعة تجرى على أيديهم، قبل أن يكون هبة من السماء لصاحبه.
لفت نظر الدكتور مرتجى أن واحداً من مستشارى الرئيس قال إنه يريد إحياء مشروع الفضاء المصرى.. وقال مستشار آخر، من مستشارى الرئيس أيضاً، إنه يفكر فى إحياء المشروع الذرى!
ولا مانع لدى الدكتور مرتجى فى إحياء المشروعين، ولا فى إحياء عشرة مشروعات أخرى من النوع نفسه، لأنه لا أحد يكره لبلده، لا صاحب الرسالة، ولا أنا، أن يكون فى أعلى مكان، وأن يتفوق على سائر بلاد الدنيا فى المشروعين الفضائى، والذرى، وغيرهما.. بشرط أن نلتفت إلى أننا فى أشد الحاجة لإحياء سنة أولى ابتدائى أولاً، لأنها هى وحدها «معمل التفريخ» الفضائى، والذرى، وغير الذرى وغير الفضائى.. أحيوها أولاً لوجه الله!