بقلم : سليمان جودة
لا ينفصل نبأ وصول مسبار الأمل الإماراتى إلى مدار كوكب المريخ في التاسع من هذا الشهر، عن نبأ إماراتى آخر أذيع الشهر الماضى وأشاع أجواء عربية متفائلة في حينه!.. لا ينفصل هذا عن ذاك، لأن قرار الحكومة في أبوظبى قبل أسابيع منح الجنسية الإماراتية للعلماء، والمتفوقين، والمخترعين، والمتميزين في مجال الثقافة عربيًا، هو قرار يقول إن العقلية التي أطلقت المسبار هي ذاتها التي أصدرت قرار الجنسية!.
هي عقلية تحتفى بالإنسان من حيث هو إنسان، وترى أن عقل الإنسان هو أغلى ما يحمله في كيانه، وأن الاستثمار في هذا العقل يقود إلى حدود الكوكب الأحمر الشهير بالمريخ في هذه اللحظة، ثم يقود بالضرورة إلى ما هو أبعد في المستقبل بإذن الله!.
كان على المسبار الذي جرى إطلاقه في العشرين من يوليو ٢٠٢٠، أن يقطع ٤٩٣ مليون كيلو متر في مشواره الممتد إلى إبريل ٢٠٢٣!!.. وعندما دخل في مدار المريخ خفف سرعته من ١٢١ ألف كيلو متر إلى ١٨ ألفًا في الساعة الواحدة.. وهذه مسافات في أرجاء الكون تجعلك تتخيل قدرة العقل المتعلم على الإبحار!.
وسوف تبقى الإمارات خامس دولة تحقق ما حققته بمسبارها، بعد الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، والهند، وسوف يبقى أن هذا العام يوافق احتفالها بالعيد الذهبى لقيامها في ١٩٧١، وأن خطوة المسبار بدأ التفكير فيها عام ٢٠١٣، مما يعنى أن سياسة النَفَس الطويل هي أساس الأعمال الباقية!.
ما يستوقفك أن الشيخ محمد بن راشد، رأى فيما جرى انتصارًا علميًا لكل دولة عربية ومعها كل دولة مسلمة قبل أن يكون للإمارات.. وما دمنا نتحدث عن علم وعن مسبار بدأ رحلته البعيدة لأغراض علمية مجردة، فالانتصار هو بالتالى للإنسانية بالقدر ذاته وللإنسان!.
وما يستوقفك أيضًا أن الشيخ محمد بن زايد أهدى نجاح الرحلة الفضائية إلى روح الشيخ زايد، مؤسس الدولة وباعث الأمل فيها.. ثم قال: عيال زايد حققوا أمنيته بالإرادة والعزم والتصميم!.
قيمة ما جرى في مجمله أنه وضع خبرًا سارًا أمام كل عربى، في وقت يمتلئ فيه الفضاء العربى في عمومه بما لا يسر من الأخبار.. ومعنى ما تم أن في مقدور الإنسان العربى أن يقف في صف واحد مع مثيله الأمريكى، أو الروسى، أو الصينى، أو الهندى، إذا امتلك عقلًا متعلمًا ومع هذا العقل حرية وعزيمة!.