بقلم : سليمان جودة
أرسل البرلمان فى استدعاء الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، وسأله عن مشروع العجلة الدوارة فى حى الزمالك، فنفى تبعية المشروع لوزارته، وأضاف ما معناه أنهم لو استشاروه فى شأنه ما كان ليوافق عليه.. وكان هذا فى مجمله من علامات الإحساس بالمسؤولية على مستوى البرلمان والوزير معًا!
وعندما شاع نبأ العجلة بين الناس، كان محل تحفظ بين أبناء الحى منذ البداية، وكان محل تساؤلات بين الرأى العام فى العموم، وكان من الطبيعى أن ينتقل فى مرحلة من مراحله إلى مجلس النواب، لأن المجلس هو صوت المواطنين جميعًا فى النهاية!
وعندما تبين أن الزمالك منطقة ذات طابع تراثى خاص، وأن القانون ١١٩ لعام ٢٠٠٨ يقول بذلك، وأن جهاز التنسيق الحضارى التابع لوزارة الثقافة هو الذى يقوم على تنفيذ هذا القانون، فإن الوزيرة الدكتورة إيناس عبد الدايم دعت المهندس محمد أبوسعدة، بوصفه رئيسًا للجهاز، إلى الرد على ما يثار من جانب الرأى العام!
وقد توسع الجدل حول المشروع وأخذ نطاقًا أوسع يومًا بعد يوم، وتوزعت أطرافه بين الوزارتين مرة، وبين البرلمان مرة ثانية، وبين الإعلام مرة ثالثة، ولم يكن هناك مفر من المراجعة التى انتهت إلى التراجع عن إنشاء العجلة فى مدخل الزمالك!
ولم يكن الاعتراض على المشروع فى كل حالاته اعتراضًا عليه فى حد ذاته، ولكن الاعتراض كان على مكانه لأسباب وجيهة وكثيرة جرى توضيحها فى حينها.. ولذلك.. فلا بد من استمرار المشروع فى مكان آخر يستوعبه ويليق به، لأن الفكرة هى المراجعة لا التراجع، ولأن الفكرة هى الإنصات إلى الرأى العام لا تجاهله!
وإذا كان الرأى العام قد خرج منتصرًا فى القضية، وإذا كان الإعلام قد غادر الملف فائزًا، فالانتصار فى حقيقته هو للحكومة قبل الإعلام، والفوز فى مضمونه هو لصانع القرار فى البلد قبل الرأى العام، لأن الحكومة أنصتت ولم تغلق أذنيها، ولأن صاحب القرار استمع ولم يشأ أن يقفز فوق الموضوع!.
ما جرى فى هذا المشروع يدل على نوع من اليقظة فى البرلمان، ويدل على نوع من اليقظة على مستوى الناس، وهى يقظة تصب فى حالتيها فى الصالح العام!