سليمان جودة
عنوان هذه السطور اسم لبرنامج تليفزيونى لبنانى شهير، ينصح المشاهد بأن يبقى فى البيت، لأنه سوف يجد فى البرنامج ما يسعده ويغنيه عن الخروج!
ولابد أن الشخص الذى صاغ الاسم، بهذه الطريقة فى بيروت، لم يخطر على باله أن يأتى يوم ينقلب فيه الحال فى القاهرة، فيبقى المذيع، لا المشاهد، فى البيت!
إننى أبحث عن دينا عبدالرحمن، على أى شاشة، فلا أجدها منذ فترة طويلة، ولا أعثر لها على أثر، وأبحث فى الوقت نفسه عن ذنب تكون قد ارتكبته، فلا أقع على شىء.. اللهم إلا إذا كان العقل فى رأس المذيعة ذنباً يجنى عليها هذه الأيام!
والمؤكد أن مشاهدينا يذكرون جيداً، برنامجها الشهير «صباح دريم».. وكيف أنها استطاعت من خلاله، على قناة دريم، أن تثبت أن الكلام عن عدم إقبال المشاهدين على برامج الصباح المبكر كذبة كبيرة، فالمشاهدون يبحثون دائماً عمن يحترم عقولهم، فيتوقفون أمامه، ويشاهدونه، ويتابعونه بدأب، حتى ولو كان البرنامج مذاعاً فى الفجر!
أبحث عن دينا فلا أصادفها على أى شاشة، رغم كثرة الشاشات فى البلد، ورغم أننا لا نعانى عجزاً فى عددها ولكننا، بكل أسف، نعانى عجزاً فى العقول التى يجب أن تطل على الناس من خلالها!
ثم أبحث عن منى سلمان، التى غادرت قناة عربية، كانت نجمة على شاشتها، رغبة منها فى أن تكون ضمن فريق القوة فى إعلام بلدها، فإذا بإعلام بلدها يقعدها فى البيت، بعد فترة ظهور يتيمة على قناة دريم أيضاً.. أين منى سلمان، وأين قدراتها الإعلامية، على أى شاشة من شاشاتنا؟!.. أين هى فى وقت يبدو فيه جمهورنا أحوج الناس إلى وجه مثلها على الشاشة، يحترمه قبل أن يخاطبه، ويتسلح بالمهنية العالية وهو يخاطبه قبل أن يتسلح بأى شىء آخر سخيف وساقط وهابط؟!
ثم أبحث من بعد «دينا» و«منى» عن معتز الدمرداش، فأكتشف أنه فى البيت، كأنه جنرال تقاعد قبل الأوان، وأنه، رغم خبرته العريضة فى العمل الإعلامى المحترم، داخل البلد، وخارجه، لا يزال ينتظر أحداً ممن يدفعون بالوجوه على الشاشات، ليعطف عليه ويدعوه إلى العمل!.. وكلها، كما ترى، أشياء لا تليق بنا، ولا بوزن بلدنا الذى نفترضه!
هناك أسماء أخرى طبعاً، ولكن هذه الأسماء الثلاثة الكبيرة هى التى طافت فى ذهنى وأنا أتأمل بؤس الحال الذى جعل عنوان البرنامج اللبنانى الأشهر معكوساً على أرضنا، بحيث يكون المذيع ذو الكفاءة، فى البيت، ويكون المشاهد خارج البيت!.. فلله الأمر من قبل ومن بعد!