سليمان جودة
سمعت، على عدة مستويات، فى الدولة، نقداً حاداً لأداء طارق عامر، لأن سياساته فى نظر أصحاب النقد هى التى أدت إلى أن ينتهى حال الجنيه إلى ما انتهى إليه!
ولابد أن عامر مسؤول عن جزء من الموضوع، منذ أن استقر على رأس البنك المركزى فى نوفمبر الماضى، ولكنه بالقطع ليس مسؤولاً عن الموضوع كله.. لأن سياساته فى إدارة ما عنده من دولارات تسبقها بالضرورة سياسات للحكومة، هى وحدها المسؤولة عن مجىء الدولار من أصله.. أو عدم مجيئه، ليديره محافظ البنك عندئذ أو لا يديره!
وإذا كانت الدولة تراقب شركات الصرافة وتطاردها هذه الأيام، من شارع لشارع.. فإن هذا ليس حلاً بالمرة، لأنه لو كان حلاً لكان السعر قد ثبت فى مكانه على الأقل.. هذا إذا بدا تراجعه طموحاً بعيداً!
وإذا تصورنا أن قرض الصندوق، الذى يهللون له ويرقصون، سوف يكون حلاً، فنحن واهمون، قد يكون حلاً غداً.. أو بعد غدٍ.. ولكنه ليس كذلك على المدى الطويل.. وإلا.. فإننا سنجد أنفسنا، بعد فترة، فى المربع نفسه الذى نقف فيه اليوم مع حساب فارق الحال، ساعتها، طبعاً، لأن غيرنا يتحرك بل يجرى، بينما نحن فى أماكننا نمارس عبثاً على أكثر من مستوى.
وإذا أرادت الدولة حلاً لموضوع الدولار والجنيه فليس أمامها سوى أن تذهب إلى الحل حيث هو، ومن عند جذوره!
والذهاب إلى جذور الحل يقول إن دعم الإنسان المنتج على أرض البلد هو الطريق، ولا طريق غيره!
وسوف أضرب مثلاً أوضح من الشمس، ففى 13 يوليو الماضى قرر مجلس الوزراء تخصيص 8 مليارات جنيه لهيئة السلع التموينية، من أجل توفير السلع الأساسية.. وليس لهذا معنى سوى أنك تدعم المستهلك لا المنتج.. وبكم؟! بـ8 آلاف مليون جنيه، فكأنك ألقيت المبلغ كله فى قاع بئر!
بعد تخصيص هذا المبلغ بيومين، كان نائب البرلمان محمد هانى الحناوى يطلب من الحكومة تخصيص 4 مليارات جنيه لإسقاط ديون 164 ألف مزارع متعثر.
والمعنى أنك إذا كنت كدولة قد دعمت المستهلك بـ8 مليارات جنيه، لم تدعم الفلاح المنتج المتعثر بجنيه واحد منها.. فمن أين سوف يأتيك الدولار؟! إننى أفهم أن تخصيص نصف مبلغ السلع التموينية للمزارعين المتعثرين كان معناه دعم 164 ألف منتج مرة واحدة، بدلاً من دعم الاستهلاك والمستهلكين وحدهم!
دعم الفلاح المنتج وغيره من المنتجين فى البلد معناه إنتاج سلعة للتصدير فيأتى من ورائها الدولار، أو إنتاج سلعة سنستوردها فيتوفر بوقف استيرادها الدولار، ولا شىء آخر.. والذين ينتقدون عامر أو يطاردون شركات الصرافة يبحثون عن شماعة.. لا أكثر.