بقلم: سليمان جودة
فى الثامن من أغسطس ٢٠٠٤ وقّع أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية وقتها، مع مصطفى عثمان إسماعيل، وزير الخارجية السودانى، اتفاقية الحريات الأربع بين البلدين!
من قبل كانت هناك حريات أربع أمريكية أعلنها الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت عام ١٩٤١، وكانت خاصة بالأمريكيين طبعًا أكثر منها اتصالًا بغيرهم، وكانت تتحدث عن حرية التعبير، وحرية العبادة، والتحرر من الخوف، والتحرر من الحاجة!
ولكن الحريات الأربع المصرية شىء آخر، لأنها خاصة بالشعبين المصرى والسودانى، ولأنها تتكلم عن الحرية فى التنقل، وفى التملك، وفى الإقامة، وفى العمل!
وقد قيل وقتها إن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ بعد شهر من إقرارها رئاسيًّا وبرلمانيًّا فى الدولتين، وقد جرى إقرارها على المستويين بالفعل فى ذلك الوقت، لولا أنها تلكأت فى طريقها أكثر من ١٥ سنة، ولم يحدث أن وجدت ترجمة حية لها فى حياة الناس!
وليس أنسب من هذا الوقت الحالى للعودة إليها من جديد، لعلها تعود الى الحياه مرة أخرى، ولعلها تجد فى هذه المرة ما يدفع الدماء فى شرايينها!.. إننا نعيش أجواءً مختلفة بين القاهرة والخرطوم هذه الأيام!. أجواء جاءت فيها وزيرة الخارجية السودانية إلى هنا، وتحدثت لغة مختلفة فى موضوع السد مع إثيوبيا.. وأجواء جرى فيها التوقيع على اتفاقية تعاون عسكرى مصرية سودانية.. وأجواء تتكلم عن زيارة رئاسية مصرية إلى السودان.. هذه كلها أجواء تنقل العلاقة بين الجانبين من مربع إلى مربع آخر!
ولكنها تبقى مستويات رسمية محكومة بما يقول به البروتوكول، وينقصها الانتقال بها من المستوى الرسمى المحافظ بطبعه، إلى المستوى الشعبى المنفتح بطبيعته!
الحريات الأربع كفيلة بإصلاح ما أفسدته سنوات عمر البشير، وقادرة على تعويض ما ضاع من ٢٠٠٤ إلى اليوم.. فما بين البلدين من أجواء الحركة الحالية يحتاج الى ما يحصنه، وليس أقدر على ذلك من إنزال الحريات الأربع من ورق الاتفاقية إلى الأرض العملية!