بقلم - سليمان جودة
لن تجد موقفا منافسا لموقف إسرائيل تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا من حيث التحفظ والغموض، إلا موقف الصين على الجانب الآخر من خريطة العالم!
فالرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، لا يتوقف منذ بدء الحرب فى ٢٤ فبراير عن مغازلة تل أبيب سياسيا، لكنها تصد رسائل الغزل منه واحدة بعد الأخرى.. وقد حدث هذا مرارا إلى حد كاد الرئيس زيلينسكى يصاب معه باليأس والإحباط!.
وكانت العاصمة الأوكرانية كييف قد قالت فى بداية الحرب إن ما تفعله روسيا يشرد أبناء أوكرانيا فى كل أرض، وأن هؤلاء المشردين الأوكرانيين يهود فى الغالبية منهم!.. وكانت كييف تقول ذلك لعل قلب إسرائيل يرق ثم يميل، لكن الحكومة الإسرائيلية كانت ترد وتقول إن هذا غير صحيح، وإن نسبة اليهود بين الذين لجأوا إليها هربا من الحرب لا تتجاوز عشرة فى المائة!.
وكانت العاصمتان الأوكرانية والإسرائيلية مخطئتين، لأن كل هارب من جحيم الحرب هو فى النهاية إنسان، قبل أن يكون يهوديا أو يكون على أى ديانة أخرى!.
ولم ييأس زيلينسكى فبدأ فى العزف على نغمة أخرى لعل الغزل من جانبه يؤثر هذه المرة، ولا يكون مصيره كمصير الغزل السابق.. ومما قاله إن الروس يمارسون إبادة فى حق الأوكرانيين، كما سبق أن مارس النازيون إبادة مشابهة فى حق اليهود، وقال أيضا إن الحرب إذا كانت قد بدأت ٢٤ فبراير، فالحزب النازى تأسس فى اليوم نفسه من عام ١٩٢٠!.
وحتى هذا الغزل السياسى الصريح لم يصل إلى قلب الدولة العبرية، ولم يحرك شيئا فى مشاعرها، ولم يجعلها تغير من موقفها الذى تلتزم فيه ما يشبه الحياد بين الطرفين المتحاربين!.
فلاتزال تل أبيب ترسل إلى كييف المساعدات الإنسانية لا العسكرية، ولاتزال تمتنع عن الانضمام إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وحلفائهما فى العقوبات الاقتصادية التى تنهمر كالمطر على روسيا، ولاتزال لها حساباتها السياسية المعقدة فى الحرب المتصاعدة، وهى حسابات تجعلها لا تنقاد للأمريكان، رغم أنهم الراعى الذى لا منافس له بالنسبة لإسرائيل!.