بقلم - سليمان جودة
كان الأمريكى فرانسيس فوكوياما حاضراً فى مؤتمر قمة الحكومات، الذى أنهى أعماله مساء الثلاثاء فى دبى، وجرى تقديمه لجمهور المؤتمر على أنه خبير كبير فى أمور السياسة والاقتصاد عالمياً، وكان له لقاء مع الحاضرين أداره الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية فى الإمارات!
وفيما قبل هذا المؤتمر بسنوات، كان فوكوياما يتكلم ويظهر، ولايزال، باعتباره فيلسوفاً من فلاسفة العصر، وكان ذلك قد بدأ ثم ساد واستقر منذ أن خرج الرجل علينا بنظريته السياسية الشهيرة عن «نهاية التاريخ»، التى قصد بها انتصار المعسكر الرأسمالى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، على المعسكر الاشتراكى بقيادة الاتحاد السوفيتى السابق، انتصاراً نهائياً!
وقد أطلق كلاماً مهماً كثيراً فى دبى، ولكن ما يخصنا فيما قاله شيئان اثنان: شىء سياسى خالص.. والآخر اقتصادى مجرد!
أما السياسى فكلامه عن مستقبل الإسلام السياسى فى منطقتنا.. ومنها، بل فى القلب منها، مصر بالضرورة.. إنه يراه مستقبلاً غامضاً تماماً!
لماذا؟!.. هذا فى الحقيقة أصل الموضوع، وأخطر ما فى الموضوع فى الوقت نفسه!.. لأن غموضاً من هذا النوع راجع فى تقديره إلى أن الأسباب التى تتحكم فى وجود الإسلام السياسى فى المنطقة وفى مستقبله تأتى من خارج المنطقة وليس من داخلها!
وفى عبارة أوضح، يريد صاحب النظرية الشهيرة أن يقول إن الإسلام السياسى بكل أطيافه مفعول به وليس فاعلاً كما قد يبدو لكثيرين منا.. ويريد أيضاً أن يقول إن أطرافاً فى الخارج تُوجّه الحركات الإسلامية السياسية على ملعب المنطقة طول الوقت!
وأتخيل أنه كان يقول بذلك وفى ذهنه موقف إدارات أمريكية متعاقبة، بشكل عام، ثم إدارة أوباما بشكل خاص، من الإسلام السياسى، ومن الدور الذى أرادته له فى بلادنا العربية كلها!
والمشكلة فى ظنى أن ما كان قائماً أيام أوباما بالذات إزاء الإسلام السياسى وإزاء دور مُتصور له فى أنحاء المنطقة لايزال كما هو مع إدارة دونالد ترامب، حتى ولو بدا الأمر مختلفاً فى الظاهر!
لقد ذهب أوباما وجاء ترامب، ولكن السياسة الأمريكية فى هذا الملف، ومن ورائها السياسة الأوروبية، هى كما كانت وقت أن أراد الرئيس الأمريكى السابق أن يفرض هذا التيار على دول المنطقة بالقوة!
هى هى.. لم تختلف!
فالشكل فقط تغير، لزوم ذهاب رئيس أمريكى ومجىء آخر.. أما المضمون فلا يخفى على أى عين مُتابعة، أو مُدققة، أو مُراقبة لما يجرى حولنا!.. والشواهد كثيرة، ومُتاحة، ومتوافرة لمن أرادها!
أما الشىء الاقتصادى الذى قال به فوكوياما ويخصنا بمعنى من المعانى، فهو قصة أخرى!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية