بقلم - سليمان جودة
تمنيت لو أستطيع نشر الصورة التى جاءتنى مع رسالة من الوزير منير فخرى عبدالنور عمّا سببته شركة تطوير عقارى عربية شهيرة من تدمير فى شواطئ خليج سيدى عبدالرحمن بالساحل الشمالى!.
الصورة دائمًا بألف كلمة، وما تقوله الصورة فى لقطة واحدة لا يقوله الكثير من الكلام، وما سبّبته الشركة فى الشواطئ هناك من أضرار فادحة تراه واضحًا كالشمس فى الصورة.. وقد أرسل الوزير عبدالنور صورتين فى الحقيقة لا صورة واحدة: إحداهما لشواطئ الخليج قبل وقوع الأضرار، والثانية بعد وقوعها.. فمن قبل كانت الشواطئ جميلة ناعمة بديعة، ومن بعد صارت صخرية حجرية كالحة!.
فماذا حدث؟!.. حدث أن الشركة أقامت مارينا لليخوت، وما إن فعلت ذلك حتى تسببت فى وقف حركة الأمواج والرمال الطبيعية من الغرب إلى الشرق!.. وهى حركة كانت تجرى بشكل تلقائى منذ آلاف السنين، وكانت تغذى الشواطئ بالرمال، وتمنع تصخُّرها وتحجُّرها على النحو الظاهر فى الصورة!.
ولو أنت رأيت صورة الشواطئ بعد أن تحولت إلى صخر فلن تصدق أن هذه شواطئ فى مصر، ولن تصدق أنها شواطئ فى الساحل الشمالى، ولن تصدق أن هذه هى حالة شواطئ خليج سيدى عبدالرحمن فى اللحظة الحالية، ولن تصدق أن الشواطئ قد جرى تدميرها إلى هذا الحد!.
وما جاءنى فى رسالة الوزير عبدالنور ومعها الصورة سمعته بنفسى من كثيرين كانوا هناك ثم عادوا.. أحدهم قال لى إن نزول الشواطئ وهى على هذه الحالة مستحيل، وإن أحدًا إذا جرب النزول فسوف تكون مغامرة، وسوف تنكسر ساقه فى الحال!.
والقضية بالطبع أكبر من مجرد أضرار أصابت الشواطئ فى المكان، كما أنها أعمق من مجرد تدمير شواطئ فى مكان اشتهر بجماله.. القضية هى قضية تدمير بيئة تتصل مباشرةً بصحة الإنسان.. القضية هى قضية شواطئ تتصحّر، بفعل فاعل، فى بلد يستضيف قمة المناخ العالمية فى نوفمبر المقبل!.
لست ضد أن تستثمر الشركة الشهيرة كما تحب، ولا ضد أن تكسب كما تشاء، ولا ضد أن تحصل على ستة ملايين متر فى أفضل مناطق الساحل، ولا ضد أن يمتد شاطئها الخاص ستة كيلومترات على البحر.. لست ضد هذا كله.. فمن حقها أن تعمل، وتتوسع، وتكسب، ومن واجبنا أن نساعدها على ذلك.. ولكنى مع كل مصرى ضد أن ينقلب الاستثمار إلى دمار، وضد أن يتصور المستثمر الخارجى.. أى مستثمر.. أنه اشترى البلد بمَن فيه وما فيه، ثم يتصرف على هذا الأساس!.