بقلم - سليمان جودة
العملية الكبرى التى يُنفذها الجيش فى سيناء، خلال هذه الساعات، لها عندى خلفيتان اثنتان أساسيتان أتصور أنهما حاضرتان بقوة فى عقل صانع القرار فى البلد!.
الأولى ما كان الرئيس التركى رجب طيب إردوغان قد صرح به، فى الخامس من ديسمبر الماضى، عندما قال علناً إن عناصر من تنظيم داعش قد جرى إرسالها إلى سيناء، وإن ذلك بهدف استخدامها هناك، بعد هزيمة التنظيم فى الموصل العراقية وفى الرقة السورية!.
أطلق إردوغان هذا الكلام الغاية فى الخطورة، وجرى نشره فى كل وسائل الإعلام، التى تناقلته بدورها، عن وكالة الأناضول التركية، وكتبتُ عنه فى وقته فى هذا المكان، وقلت ما معناه أن خطورة الكلام تظل فى صدوره عن رئيس دولة كبيرة فى المنطقة اسمها تركيا، وليس عن شخص من عابرى السبيل!.
ولم يذكر الرئيس التركى وقتها شيئاً عن الجهة التى أرسلت الدواعش إلينا، رغم أن كلامه فى الموضوع كان يشير إلى أن عملية الإرسال جرت بترتيب، وعن قصد!.. ولا ذكر شيئاً عن الهدف من إرسال العناصر الداعشية إلى سيناء!.
ولابد أن كلامه كان موضع اهتمام يتناسب مع خطورته، من جانب الأجهزة المعنية بالقضية عندنا، كما لابد أن عملية سيناء الواسعة التى دارت، ولا تزال تدور، هى رد عملى على إردوغان، وعلى الذين أرسلوا الدواعش، ثم أيضاً على الذين خططوا لتوظيفهم فوق أرضنا!.
والخلفية الثانية هى ما جرى تداوله إعلامياً، قبل أيام، نقلاً عن أجهزة أمن فى دولة مجاورة، حول وجود داعش فى سيناء نفسها.. فلقد قيل إن التنظيم عزّز وجوده فى أكثر من منطقة حول العالم، وإن سيناء من بين هذه المناطق، وإن الدواعش التى وصلوها ربما يُقدر عددهم بالآلاف!.
وكما ترى، فهو كلام لا يقل فى خطورته عن خطورة كلام إردوغان، رغم أن الفاصل الزمنى بين الكلام فى الحالتين يتجاوز الشهرين!.
ولكن المسألة فى إجمالها واحدة، والمعنى واحد، والحصيلة واحدة!.
بل إن الكلام فى الحالة الثانية يُكمل الكلام فى حالة رئيس تركيا، ويبدو الأمر فى الخلفيتين وكأن مايسترو واحداً هو المحرك وراءهما!.
والمؤكد أن هذا المايسترو قد أُصيب الآن بالجنون، وهو يكتشف أن ما كان يخطط له، ويدبر، ويُجهز، قد جرى إحباطه بالكامل، وبضربة مُفاجئة من الجيش المصرى!.
كنتُ شديد القلق عندما قرأت حديث إردوغان قبل شهرين، وكذلك حين طالعت ما قيل عن تعزيز تواجد داعش على قطعة غالية من أرضنا.. والأكيد أن القلق ذاته استبد بمصريين كثيرين.. غير أن البلد الذى يقف على حدوده جيش بصلابة جيشنا ليس من حقه أن يقلق أو يخاف!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية