بقلم - سليمان جودة
حين رأيت صورة الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، منشورة فى صدر الصفحة الأولى من هذه الجريدة، صباح أمس الأول، تذكرت على الفور، عبارة كان الرئيس قد أطلقها أثناء زيارته الأخيرة إلى السودان، وكانت الصحف قد نشرتها فى مانشيتات عريضة!.
كان الرئيس قد أبدى دهشته الشديدة، من التوجه إلى استيراد لحوم من مناطق بعيدة فى العالم، بينما اللحوم نفسها.. وبدرجة من الجودة أعلى بالتأكيد.. موجودة على حدودنا فى السودان على اتساعه، ومُتاحة، وتنادينا فى كل لحظة!.
وكان الدكتور شومان.. فى المقابل.. يتفقد مجازر ذبح الدجاج والأبقار فى البرازيل، ويطمئن على أنها مذبوحة وفق ما تقول به الشريعة.. والرجل مشكور على كل حال، لأنه يتعامل فى الملف فيما يخصه، ولأن وجوده هناك، على مسافة تصل إلى ١٥ ساعة بالطائرة، هو وجود للأزهر الشريف الذى لا بديل عن أن يكون موجوداً ومؤثراً فى كل مكان!.
غير أن ما يخص باقى مؤسساتنا فى الملف.. بخلاف الأزهر.. أن تبحث فى الطريقة التى جعلت البرازيل منتجة ومُصدرة للحوم والدواجن إلى هذا الحد، فننتجها نحن هنا.. ونذبحها نحن هنا.. ونستهلكها نحن هنا.. بدلاً من أن نطير ١٥ ساعة لنتعاقد على شرائها من هناك!.
ثم.. ماذا بالضبط يمنع استيراد لحومنا من السودان، التى تقع على مرمى حجر منا، ويدفعنا فى الوقت نفسه إلى الحصول عليها من بلاد على مسافات تقاس بآلاف الأميال؟!.. إذا أراد أحد أن يعرف الإجابة، فإننى أدعوه إلى قراءة مذكرات السيد أحمد أبوالغيط، أمين عام الجامعة العربية، التى صدرت عام ٢٠١٣ عن دار نهضة مصر تحت عنوان: شهادتى.. إنها مذكرات مهمة للغاية، وفيها يشرح الرجل باستفاضة، ما كان قد رآه طوال سبع سنوات قضاها وزيراً للخارجية.. ومن بين ما رآه، أن فى الدولة مستوردون يعطلون بكل قوة، أى توجه إلى أفريقيا عموماً، والسودان خصوصاً!.. وهو يروى فى أكثر من موضع من المذكرات، أنه فى كل مرة كان يفتح فيها هذا الطريق.. كوزير للخارجية.. كان يُفاجأ بمن يغلقه!.
إننى أدعو الذين يحيطون بالرئيس، إلى أن يضعوا ذلك أمامه بأمانة، أملاً فى فتح الطريق بجد هذه المرة، لأننا نتكلم عن مصالح بلد عليا مع جيرانه، ولأننا نتكلم عن أقوات ناس إذا لم ننتجها بأيدينا فى المدى القريب، فليس أقل من أن تكون طريقاً إلى توثيق علاقتنا مع السودان، ومع غير السودان من الأشقاء والجيران الأفارقة!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع