بقلم سليمان جودة
أسوأ ما فى انقلاب تركيا، بالنسبة لنا، أنه يؤسس لمرحلة جديدة مؤسفة، من الحرب التى يخوضها أردوغان ضدنا، منذ سقوط الإخوان فى ثورة 30 يونيو!
وأسوأ ما فى هذه الحرب، من ناحيته، أنها سوف تكون أشد شراسة، ليس لأن الإعلام عندنا، فى جانب منه، قد احتفى بالانقلاب، وابتهج به.. فهذا جزء من الموضوع.. أما الجزء الأكبر فهو ما دار فى مجلس الأمن، فى نيويورك، بعد إخفاق الانقلاب بساعات!
فالمجلس قرر إصدار بيان يدين الانقلاب، وكان من الطبيعى أن يطلب رئيس المجلس، من 15 دولة، هى أعضاء حالياً فيه، أن تضع كل دولة منها توقيعها على البيان.
ولأن مصر عضو غير دائم هناك، لعامين قادمين، فإنها كانت مدعوة إلى التوقيع، شأنها شأن غيرها من الدول الخمس عشرة!
وهنا.. كان لمصر موقف محدد، أظن أنه كان موقفاً محترماً، وأظن كذلك أنه سوف يظل محسوباً لها، إذا ما تحدثنا عن الدول عندما تتخذ موقفاً واضحاً من الأحداث حولها، ثم تتمسك به وتصمم عليه.
البيان كان يدعو إلى «احترام الحكومة المنتخبة فى تركيا».. وهذا فى حد ذاته كلام لا بأس به.. ولكن القاهرة كان لها رأى آخر، لأنها طلبت تعديل صياغة هذه العبارة، فى بيان مجلس الأمن، لتكون هكذا: «احترام المبادئ الديمقراطية، والدستورية، واحترام حكم القانون».. وهذا المعنى بالمناسبة، هو بالضبط ما تدعو أوروبا كلها تركيا إليه، هذه الأيام!
ولأن المجلس لم يأخذ برأينا فإن مصر، فيما يبدو، لم تضع توقيعها على سطور البيان، وهذا حقها، ثم إنها بررت عدم التوقيع، وكانت مبرراتها وجيهة جداً، لأنها تدعو إلى احترام المبادئ، لا مجرد الأشخاص فى تركيا.
صحيح أن هذا الموقف نوع من التعبير عن خصومة باقية مع أردوغان، ومع حكومته، وحزبه، وصحيح أن القاهرة تفرِّق دائماً بين أردوغان وبين الشعب التركى، وتؤكد طوال الوقت أنه لا مشكلة أبداً بين الشعبين فى القاهرة وفى أنقرة، ولكن هذا كله يظل فى حاجة لعقل غير عقل أردوغان، ليفهمه، ويستوعبه، ويقف على معانيه.
الرئيس التركى سوف يأخذ موقفنا المحترم فى مجلس الأمن على أنه تأييد للانقلاب، وهو ما أعتقد أنه غير صحيح، لأنه ليس من بين مبادئ السياسة المصرية تأييد الانقلابات فى تركيا، أو فى غيرها.. وفى كل الأحوال سوف يعتبرها أردوغان حرباً منا عليه، وسوف يبادلنا حرباً بحرب، وأخطر ما فى حربه علينا دعمه للإرهاب على أرضنا.. فلنكن منه على حذر!