توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحسبها بالورقة والقلم

  مصر اليوم -

نحسبها بالورقة والقلم

سليمان جودة

فى أثناء جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة، كنا غارقين حتى رؤوسنا فى المقارنة بين «مرسى» و«شفيق» كشخصين، وكان السؤال الذى لا يفارق كل لسان هو: أيهما سوف ينجح.. «مرسى» أم «شفيق»؟!.. ولم يكن أحد يسأل نفسه، أو يسأل الناس، السؤال التالى: ماذا يجب أن يتغير فينا عندما يأتى أحدهما؟! الآن.. مضى شهران تقريباً على مجىء «مرسى»، وجاءت «لاجارد»، مديرة صندوق النقد الدولى، يوم الأربعاء الماضى تسألنا: لماذا تريدون اقتراض 4.8 مليار دولار من الصندوق؟، وكانت إجابتنا بأن إنفاقنا أكبر من موارد دخلنا، وأننا عاجزون عن الاستمرار بهذا الوضع الحالى إلا بالحصول على قرض.. وكان لسان حال السيدة «لاجارد» وهى تسمعنا، يقول إننا لم نغير من حالنا شيئاً عما كان عليه هذا الحال نفسه أيام حسنى مبارك!.. فقط، ذهب رئيس وجاء رئيس جديد.. وما عدا ذلك كله على حاله، وربما يكون قد صار أسوأ! لقد كان نظام مبارك يقترض كما نفعل بالضبط الآن، وكان يعجز، بسبب إنفاقه السفهى، عن الوفاء برد القرض، ولم يكن هناك حل إلا بترحيل الأقساط الواجبة، فتسددها الأجيال اللاحقة من اللحم الحى، دون أن يكون لها ذنب فى ذلك! إن الشىء الذى لا يمكن قبوله، تحت أى ظرف، أن يستمر إهدار الموارد، وتبديد الثروة القومية، كما هو، ثم لا نخجل ونحن نطلب قرضاً من الصندوق.. ولهذا السبب، فإن «لاجارد» لم تخجل من جانبها، وقالت بملء الفم، بعد لقاء «مرسى»، إنهم فى الصندوق سوف يدرسون خطة الإصلاح التى سوف تقوم بها الحكومة المصرية، وبعدها فقط، سوف يقررون ما إذا كانوا سوف يوافقون على منح القرض أم أنهم سوف يرفضون! وحين تفتش مديرة الصندوق فى أوراق اقتصادنا، ثم تكتشف أننا - مثلاً - ندعم أنبوبة البوتاجاز بنحو 60 مليار جنيه سنوياً، وأن هذا المبلغ يجرى إهدار أغلبه فى التراب، وأنه لا يصل للذين تم إنفاقه من أجلهم، فسوف تقول حتماً بينها وبين نفسها، إن هؤلاء قوم يمارسون السفاهة فى إنفاق ما لديهم من مال، وأنهم لا يستحقون قرضاً ولا يحزنون! ولو أن أحداً سألنى عما إذا كنت ضد دعم أنبوبة البوتاجاز للفقير، فسوف أرد بكل وضوح وأقول: لا.. لست ضد دعمها، ولكن ضد أن ندعمها، ثم يذهب هذا الدعم فى جانبه الكبير إلى الفنادق ذات الخمس نجوم، كما سمعت بنفسى من وزير مختص ذات يوم، ثم يذهب أيضاً إلى الوسطاء، الذين يبيعون الأنبوبة لمستهلكها الفقير بعشرين وثلاثين جنيهاً، فى حين أن سعرها الحكومى 2.5 جنيه! طبعاً، لا يدرى محدودو الدخل، الذين يحصلون على الأنبوبة بأى ثمن، أنهم مُضارون أبلغ الضرر، من وراء دعم كاذب من هذا النوع، ولو سألنى أحدهم: كيف؟! فسوف أقول: تعالوا نحسبها بالورقة والقلم.. الدولة تنفق على دعم الأنبوبة 60 ملياراً، وتنفق على التعليم 30 ملياراً، وعلى الصحة نصف هذا المبلغ، أى أن ما يتم إهداره من دعم البوتاجاز للفنادق الفخمة والوسطاء يزيد على ميزانيتى التعليم والصحة معاً، فإذا شكا الناس من سوء التعليم، وما يؤدى إليه مستواه الحالى من بطالة، كان رد الحكومة إنها لا تملك ميزانية إضافية يتحسن بها حال التعليم، فتبقى البطالة على حالها، ويدفع محدودو الدخل الثمن فادحاً، حين يعجز أولادهم الذين تعلموا تعليماً رديئاً عن أن يجدوا عملاً آدمياً.. وهكذا الحال مع الصحة، عندما تنتشر الأمراض، لأن ميزانية الوزارة هزيلة، وكذلك مع السكن، حين تنتشر العشوائيات، لأن الوزارة المعنية لا مال عندها تقيم به مساكن آدمية، فى الوقت الذى نهدر فيه 60 ملياراً، عداً ونقداً، على دعم يضر أصحابه أول ما يضر، ولا ينفعهم فى شىء! الخطر الحقيقى ليس فى أن جريمة كهذه دامت سنوات طويلة قبل الثورة، دون أن نحاسب مرتكبها، وإنما الخطر الأكبر يكمن فى أنها مستمرة الآن، ويبدو أنها سوف تستمر غداً، دون أن يوضع جدول واضح لمواجهتها، والحد منها، وإنقاذ هذه المليارات من الإهدار وإنفاقها فى موضعها الصحيح! كيف؟!.. هذا موضوع آخر أعود إليه غداً بإذن الله، لأن طول العهد بهذا الدعم جعل الذين اعتادوا عليه أشبه بالذى أدمن شيئاً، ويحتاج إلى طريقة خاصة فى العلاج، لعله يشفى! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"    

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحسبها بالورقة والقلم نحسبها بالورقة والقلم



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon