توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خلايا فى مخ «مرسى»

  مصر اليوم -

خلايا فى مخ «مرسى»

سليمان جودة

إذا كان الدكتور محمد مرسى يراهن على أن يصوّت المصريون، فى غالبيتهم، بـ«نعم» على الدستور، فى استفتاء الغد، فإن عليه، قبل أن يراهن على ذلك، أن ينتبه جيداً إلى أن المشكلة بالنسبة له ليست أبداً فى أن تأتى النتيجة بـ«نعم»، فالمهم كيف تُقال «نعم» هذه، وفى أى ظروف، ثم إن الأهم هو: كم عدد الذين سوف يقولونها، وما دلالة الموضوع على بعضه فى النهاية؟! ولو أن الدكتور مرسى والمحيطين به فى جماعة الإخوان كانوا راغبين، بصدق، فى أن يتيقنوا من أن «نعم» ليست هى المشكلة، فإن عليهم وعلينا معهم أن نعود قليلاً إلى الوراء، لنفتش فى تاريخ فرنسا عن رجل اسمه شارل ديجول، فعنده درس بليغ لنا جميعاً، ثم للرئيس وجماعته بشكل خاص، إذا كان لهم أن يعوا درساً من هذا النوع. لقد كان ديجول، ولايزال، يمثل قيمة حقيقية، فى نظر كل فرنسى حر، وكان ولايزال بطلاً فى تاريخ بلاده الحديث. وهو لا يمثل قيمة لمجرد أنه أنشأ الجمهورية الفرنسية الخامسة عام 1958، فصارت أساساً راسخاً قام على قواعده حاضر فرنسا المضىء. وهو لم يكن بطلاً، فى نظر أبناء بلده، لأنه قاد المقاومة الفرنسية من لندن ضد الاحتلال الألمانى لباريس، وظل يناضل من خلال إذاعة فرنسا الحرة، التى أطلقها من هناك حتى حرر تراب أرضه. لا.. لم يكن الرجل قيمة ولا كان بطلاً لهذين السببين تحديداً، رغم أنهما، فى حد ذاتهما، كافيان لصنع كتيبة كاملة من الأبطال وليس مجرد بطل واحد فى حجم ديجول! كان بطلاً، وكان يمثل قيمة لأنه حين جاءه يوم كان عليه فيه أن يقرر ما إذا كان سيبقى فى كرسى الحكم أم يغادره، فإنه لم يشأ أن يبقى من خلال انتخابات وفقط، حتى لو كانت نزيهة، وشفافة، وإنما قرر أن ينظم استفتاء عليه هو نفسه بين الفرنسيين، وقال مسبقاً إن نتيجة الاستفتاء إذا جاءت أقل من نسبة معينة يرتضيها هو لنفسه أيضاً، فسوف لا يبقى فى السلطة يوماً واحداً بعدها! جاء الاستفتاء ليقول إن 62٪ راضون عن أداء ديجول وراغبون بالتالى فى بقائه، لكنه، من جانبه، أحس بأنها نسبة غير كافية للبقاء، وأنه إذا كان 38 فرنسياً، من بين كل مائة فرنسى، غير راضين عنه، فكيف له أن يبقى بعدها؟!.. إنها نسبة، فى تقديره هو، لا تبرر له أن يحكم فرنسا، ولذلك اتخذ قراره بأن يرحل، وأن يعود إلى قريته ليموت فيها فى هدوء، ليس هذا فقط، وإنما تبين بعد موته أن أرملته عاجزة عن دفع فاتورة التدفئة فى البيت، فغادرته هى الأخرى إلى بيت راهبات، حيث ماتت هناك! ماذا يعنى هذا؟! يعنى أننا أمام رجل كان يجيد ترجمة «الإشارات» الصادرة عن شعبه إليه، وكان هو أول من ترجم «إشارة» الاستفتاء، وعمل بها على الفور، رغم أن وراءه من التاريخ، ومن الإنجاز، ومن البطولة، وقتها، ما كان يبرر له أن يظل يحكم فرنسا لمائة عام قادمة لو أراد! تبحث أنت فى المقابل عن ترجمة لدى «مرسى» لإشارات حوله، من نوعية استقالة مساعده، وستة من مستشاريه ونائب رئيس حزبه، ورئيس تليفزيونه، ورئيس قنواته المتخصصة، و... و... فلا تقع على أى أثر، بل إنك تكاد تقع على العكس تماماً، وهو أمل «مرسى» فى استفتاء، هذا هو مناخه العام المتوتر الذى تراه، وهذا هو مذاق المزاج العام أيضاً، الذى يجرى فيه الاستفتاء!.. فمتى يستطيع الرئيس مرسى أن يترجم «الإشارات» من حوله؟! وإذا حصل وترجمها هل يعمل بها؟!.. يبدو من سياق ردود الفعل على الأحداث أن خلايا الترجمة فى مخ د. مرسى ليست معطلة وإنما تترجم الشىء فى الغالب على عكس معناه! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلايا فى مخ «مرسى» خلايا فى مخ «مرسى»



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon