توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شيعة الكويت يدخلون اختبارا!

  مصر اليوم -

شيعة الكويت يدخلون اختبارا

سليمان جودة

يعقد مجلس الأمة الجديد في الكويت، أولى جلساته، صباح اليوم، بعد أن كانت انتخاباته قد جرت في اليوم الأول من هذا الشهر. ولا بد أن هناك شيئين أساسيين يميزان هذا البرلمان، عن جميع البرلمانات السابقة في تاريخ الدولة الكويتية. أما الشيء الأول، فهو أن هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها انتخابات تشريعية على أرض الكويت، ويكون لكل ناخب فيها صوت واحد، لا أربعة أصوات، كما كان متبعا من قبل، وهي مسألة أثارت ولا تزال تثير صخبا واسعا بين الكويتيين، فمنهم من لا يزال يرى، أن الضرورة التي كانت قد فرضت لكل ناخب واحد، أصواتا أربعة، وهي قلة عدد الناخبين، لا تزال كضرورة، قائمة، وبالتالي، فالإبقاء على هذا العدد من الأصوات، لكل ناخب، أمر مهم.. وهناك، في المقابل، من يرى، أن هذه الضرورة التي كانت قد قضت بأكثر من صوت، لكل ناخب، في ظروف معينة، قد انتفت، وبالتالي أيضا، فمن المهم أن يكون لكل ناخب صوت واحد، لا أكثر، شأن أي دولة أخرى من بين 194 دولة على امتداد العالم.. وفي كل الأحوال، فإن هذا الجدل المحتدم بين الكويتيين، حول هذه القضية، سوف يظل قائما فيما يبدو، إلى أن يحسم القضاء طعونا مرفوعة أمامه بهذا الشأن. أما الشيء الثاني، الذي لم يكن موجودا في أي برلمان كويتي سابق، فهو نسبة تمثيل الشيعة، في البرلمان الجديد، وهي نسبة ارتفعت إلى 17 نائبا لهم، من بين 50 نائبا، هم إجمالي عدد نواب البرلمان!. قد يكون من الضروري هنا، أن أشير، إلى أن هناك شيئا ثالثا يميز هو الآخر هذا البرلمان كذلك، عن كل ما عداه، فيما سبق، وهو أن قبيلتين كبيرتين من بين قبائل الدولة هناك، قد خلا مجلس الأمة، لأول مرة، من وجود نواب لهما فيه، وإذا كان هناك سبب مباشر لذلك، فهو أن القبيلتين كانتا قد قررتا مقاطعة الانتخابات التي جرت أول ديسمبر (كانون الأول)، تصويتا وترشيحا، ولو كان لهما مرشحون، لكانوا قد فازوا كلهم، أو بعضهم، على سبيل القطع، غير أنهما فضلتا، مع آخرين، أن يقاطعوا التصويت والترشيح، احتجاجا على مرسوم الضرورة الذي أصدره أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، والذي قضى بأن يكون لكل ناخب صوت واحد، لا أكثر. وقد لاحظت أن كثيرين ممن كتبوا معلقين على نتائج الانتخابات، قد اعتبروا أن فوز الشيعة بـ17 مقعدا من مقاعد المجلس الخمسين، يظل هو التطور الأهم في هذه المعركة الانتخابية الأخيرة كلها، وهو صحيح طبعا، لولا أني أظن، وبعض الظن ليس إثما، أن هناك تطورا مهما آخر، لا يقل في دلالته، عن دلالة نسبة نواب الشيعة في البرلمان الجديد، وهو فوز 3 سيدات بثلاثة مقاعد في المجلس الجديد، ومرجع ظني هنا، يعود إلى حقيقتين واضحتين إحداهما أن وجود ثلاث سيدات كويتيات في برلمان الكويت، يعني بلغة الأرقام، أن المرأة تستحوذ على 6 من إجمالي مقاعده، وبمعنى آخر، فإن هذه الحقيقة تعني إذا أسقطناها علينا في مصر، أن يكون لدينا في القاهرة 30 سيدة منتخبة في البرلمان، لأن عدد نوابنا يصل إلى 500 على وجه التقريب!. وأما الحقيقة الثانية التي ربما لا نلتفت إليها، على الرغم من أنها بديهية، فهي أن السيدات الثلاث قد جئن إلى البرلمان، منتخبات، لا معينات، ويكفي في هذا السياق، أن نذكر، أن عجز المرأة المصرية عن تحقيق نسبة مماثلة في برلماننا لما حققته المرأة في الكويت، قد ألجأنا قبل ثورة يناير إلى الأخذ بنظام «الكوتة» الشهير، الذي يخصص عددا من مقاعد البرلمان للمرأة حصرا، لمواجهة واقع يقول بعدم قدرتها على تحقيق ما يجب أن تحققه، دون «كوتة» ودون حصة محددة لها سلفا!. والمعنى، أن ما أنجزته المرأة الكويتية، في برلمانها، شيء يكاد يكون فريدا بين برلمانات العرب. فإذا عدنا إلى التطور الأهم، والمتمثل في عدد نواب الشيعة، كان علينا أن نقول، بأن هذا المتغير الطارئ، يضع على شيعة الكويت مسؤولية هائلة، قبل أن يكون قد حقق لهم كسبا من أي نوع. صحيح أنه كسب كبير، وصحيح أنه إنجاز تجسد على أيدي الناخبين الشيعة الذين احتشدوا أمام اللجان بشكل لافت، وصحيح أيضا أنه كان مفاجئا بأي مقياس، لأن 17 من مقاعد البرلمان تمثل 34 من إجمالي مقاعده، في حين أن نسبة الشيعة بين السكان أقل من ذلك بكثير.. صحيح هذا كله، ولكن الأصح منه، أن الكويتيين في عمومهم يترقبون تأثير هذا التمثيل الشيعي، على أداء البرلمان، حين ينعقد، وحين يكون عليه أن يمارس مهمتيه، الأساسيتين، وهما مراقبة أعمال الحكومة، وتشريع القوانين. ففي برلمانات سابقة، كانت المعارضة في كل مجلس أمة جديد، تسرف في استخدام أدوات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، بدءا بـ«السؤال» كأداة مراقبة، ومرورا بـ«طلب الإحاطة» وانتهاء بـ«الاستجواب» أعلى الأدوات البرلمانية الرقابية، وكانت نتيجة هذا الإسراف، أن الكويتيين لم يكن يعيش لهم برلمان، إذا صح التعبير - على مدى سنوات عدة مضت، ولم يكن البرلمان ينعقد، إلا ليصدر قرار بحله، ولم يكن يتعرض للحل، إلا ليتم تشكيله من خلال انتخابات جديدة، وهكذا.. وهكذا.. حتى صارت الكويت تنافس ببرلماناتها المتتابعة، الأردن بحكوماته المتتالية!. وفي كل الأحوال، فإن نواب شيعة الكويت ربما ينقلبون في البرلمان الجديد، من التحالف التقليدي مع الحكومات السابقة، أو مع السلطة في مجملها، إلى صف المعارضة لحكومة الشيخ جابر المبارك، الذي من المفترض أن يكون قد انتهى من تشكيلها النهائي، قبل جلسة اليوم، وعندئذ فإن الرهان على الـ17 نائبا سوف يكون على مستويين: الأول أن يكون اللجوء من جانبهم إلى استخدام أدوات الرقابة البرلمانية، من أجل تحقيق الغرض من وراء الرقابة حقا، وليس من أجل استخدام الأداة، وخصوصا الاستجواب، لمجرد الاستخدام، في حد ذاته، ولمجرد مشاغبة الحكومة، ومحاصرتها، وإحراجها.. فالمشاغبة، أو المحاصرة، أو الإحراج، لا بد أن يكون لها جميعا غاية تعود بالنفع العام على المواطن الكويتي، وليس لإحراز «هدف» في مرمى الحكومة، لمجرد أنها الحكومة، ولمجرد أنه «هدف»!. هذه واحدة.. والثانية وهي الأهم، أن يكون ولاء النواب الشيعة المطلق، وهم يمارسون ما سوف يكون عليهم أن يمارسوه تحت قبة البرلمان، للدولة الكويتية، والوطن الكويتي، والمواطن الكويتي، والأرض الكويتية، لا للمذهب، ولا لأي شيء آخر قد يطوف في الأذهان!. أعتقد أن الكويتيين بشكل خاص، وغير الكويتيين في دول الخليج الست بشكل عام، يتطلعون إلى النواب الـ17 على أنهم يدخلون اختبارا، أكثر بكثير من كونهم دخلوا برلمانا.. مجرد برلمان! نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيعة الكويت يدخلون اختبارا شيعة الكويت يدخلون اختبارا



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon