توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دوافع عصام العريان

  مصر اليوم -

دوافع عصام العريان

سليمان جودة

  لو عاد أحد إلى لجنة الخمسين التى كان عبدالناصر قد كلفها بوضع مشروع دستور 1954، فسوف يكتشف أنها كانت تضم فى عضويتها يهودياً مصرياً، اسمه زكى عريبى، بما يعنى أن اليهود المصريين فى ذلك الوقت كانوا يستحوذون على 2٪ من إجمالى عضويات اللجنة، وبما يعنى أيضاً، فى اتجاه آخر، أن هؤلاء اليهود كانوا يمثلون جزءاً عضوياً من مجتمعنا، وكانت الدولة تنظر إلى كل واحد فيهم باعتباره مصرياً وفقط. واقعة كهذه، لابد أن تكون فى أذهاننا ونحن نتعامل مع الدعوة التى أطلقها الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، خلال حوار له مع الأستاذ حافظ المرازى، على قناة «دريم»، وكان من خلال دعوته لا يرى مانعاً من أن يعود اليهود المصريون إلى بلدهم الأم، بعد أن كانوا قد غادروها فى أعقاب عدوان 1956، وقبله، لأسباب مختلفة، يمكن أن نعود إليها، فيما بعد، لنستعرضها، سبباً وراء سبب. وحين اشتدت الهجمة التى استهدفت الدكتور العريان، ولاتزال تشتد، فإننى أحسستُ فى مرحلة من مراحلها، بأننا نحن الذين تعرضنا لما جاء على لسانه، كنا فى حاجة إلى أن نتعرض لدعوته، على طريقة سقراط، قديماً، الذى كان كما اشتهر عنه، يحرص كل الحرص على أن يحدد الذين يتكلمون معه ابتداء، معانى الألفاظ التى تأتى فى أثناء الكلام، ثم ليتكلم بعد ذلك مَنْ شاء أن يتكلم! ولذلك، أظن أن الدكتور العريان ذاته فى حاجة إلى أن يأخذ بهذا الأسلوب السقراطى، ويكتب مقالاً، يحدد فيه بالضبط أركان دعوته، ومبرراتها، وطبيعة توقيتها، حتى لا يجد نفسه، فى وقت من الأوقات، مسؤولاً عن أفكار يجرى تناقلها بين الناس، وهو فى الأصل، لم ينطق بها! لقد أطلق الدكتور عصام دعوته، بشكل عابر، وحين أطلقها فإن الأستاذ المرازى بدا وكأنه غير مصدق لما يقال أمامه، وفى برنامجه، فراح يستوضح صاحب الدعوة، مرة بعد مرة، لعله يتقين، ومعه المشاهدون، من أن نائب رئيس الحرية والعدالة يعنى ما يقول، وفى كل مرة، كان الدكتور العريان يزداد تمسكاً بالدعوة، ويضيف إليها شرحاً، ومع ذلك، فإن دعوة بهذه الأهمية، تستأهل منه أن يعود إليها منفردة ويخصص لها حديثاً وحدها، لعل الناس يطمئنون! من ناحيتى، أفترض حُسن الظن فى الدكتور العريان، فيما يتصل بدعوته هذه، ولا أظن أن وراءها مؤامرة كبيرة من نوع ما قيل على ألسنة كثيرين ممن تناولوها بالنقد والمناقشة، وأظن كذلك، وبعض الظن ليس إثماً، أن وراء كلامه أسباباً إنسانية تسامحية مجردة ترى أن هؤلاء اليهود، الذين يعنيهم، إنما هم مصريون فى الأصل، ومن حقهم، بالتالى، أن يعودوا إلى وطنهم الأم. كون أن بعضهم يحمل الجنسية الإسرائيلية، وكون أن بعضهم الآخر يريد تعويضات عما لحق به، وبأملاكه، مسألة يمكن عند نقل الفكرة إلى حيز التنفيذ أن توضع لها ضوابط، ومعايير تحكمها جيداً، ولا يمكن أن تبقى سائبة هكذا، ويجب ألا ننسى هنا أن اليونانيين الذين عاشوا طويلاً فى الإسكندرية، قبل ثورة يوليو 52، قد عادوا إلى بلدهم، ويعيشون فيه الآن، يشار طول الوقت إليهم على أنهم «اليونان المصريون» وكذلك الطليان الذين عاشوا فى المدينة نفسها وفى الوقت ذاته! باختصار، أعتقد أن الدكتور العريان، وقد أكون على خطأ، كان متسامحاً فى الأساس، وإنسانياً، بالدرجة الأولى، وهو يطلق تلك الدعوة.. وأعتقد أيضاً، أن النظر إلى كلامه على أنه جزء من مؤامرة كبيرة فيما يخص مستقبل الفلسطينيين، فيه ظلم كبير للرجل.. ولو صح تخمينى، حول حقيقة دوافعه، وكيف أنها تسامحية إنسانية خالصة، فلن يكون هناك معنى لما ثار من صخب حوله، وحولها كدعوة، إلا أن التسامح قد غادرنا، وهاجر من بيننا، ولذلك بدت الدعوة على هذا القدر من الغرابة! نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دوافع عصام العريان دوافع عصام العريان



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon