مصر اليوم
قال عبدالفتاح الجبالى، مستشار وزير التخطيط والتعاون الدولى، فى تصريح منشور على الصفحة الثالثة من «المصرى اليوم»، صباح أمس، إن هناك مفاوضات مع دولة عربية، لم يذكر اسمها، من أجل تقديم دعم مالى لمصر، خلال الأيام المقبلة.
وفى الغالب، فإن الدولة العربية التى لم يشأ الجبالى أن يسميها، هى ليبيا، لأنه ليست هناك دول عربية قادرة على دعم اقتصادنا بهذا الشكل، إلا دول الخليج، وما نعرفه أنها جميعاً، فيما عدا السعودية وقطر، مترددة فى بذل دعم من هذا النوع لنا، هذه الأيام، إلى أن يتضح لها إلى أين سوف يذهب الإخوان بمصر!
وحتى السعودية وقطر، فإنهما قدمتا دعماً فى حدود، وبشروط، لأسباب ليس هذا هو مجال الخوض فيها الآن.
وعلى الصفحة نفسها، من «المصرى اليوم»، كان مصدر حكومى، لم تكشف عنه الصحيفة، قد قال صباح الاثنين، إن ليبيا سوف تدعم اقتصادنا، بوديعة قدرها ثلاثة مليارات دولار، خلال أيام!
كل هذا، على بعضه، ربما يكون لا شىء فيه، ليبقى شىء آخر، لابد أن يستوقفنا بشدة، وهو أن الدعم الليبى لاقتصاد حكومة قنديل لم تأت له أى سيرة، إلا بعد القبض على «قذاف الدم» وعدد من رجال القذافى فى القاهرة، وإبداء الاستعداد لتسليمهم إلى بلدهم!
ولابد أن هذه طريقة لا تليق أبداً بدولة فى حجم وتاريخ مصر، للحصول على دعم، من أى دولة، وليس من ليبيا وحدها!
ولابد أيضاً، أن المصريين سوف يتابعون هذه الطريقة المخزية فى الحصول على دعم الدولة الليبية، ولسان حالهم يقول: منذ متى كانت القاهرة تقايض الدول الأخرى هكذا، فى سبيل الحصول على دعم، حتى ولو كان هذا الدعم سوف يكون بالمليارات؟!
منذ متى كانت القاهرة تتخلى عن مبادئها، فى إيواء اللاجئين العرب، وتتعامل معهم باعتبارهم سلعة، يمكن عرضها فى الأسواق، من أجل بيعها، لمن يدفع أكثر؟!
منذ متى كانت مصر، التى لاذ بها عشرات اللاجئين العرب، تفرط فيهم بسهولة هكذا، فى سبيل حفنة من الدولارات، وقد كانت من قبل تحتضنهم، وتوفر الحماية الكافية لهم، وتتعامل معهم باعتبارهم مواطنين مصريين تماماً، لا يجوز تسليمهم تحت أى ظرف، إلى بلادهم، ومهما كان الثمن؟!
هذا نوع من التسول، يتعين أن تترفع عنه دولة فى وزن بلدنا، ولا يليق بنا، أياً كانت ظروفنا الاقتصادية، أن ننزلق إلى هذا المنحدر، الذى يسىء إلى كل مصرى، كما لم يحدث معنا من قبل، فى أى موقف!
نعرف أن قرض صندوق النقد متعثر ونعرف أن الأمريكان ليسوا أبرياء من مسألة تعثره، ونعرف أن الاتحاد الأوروبى أعاد التفكير فى دعمنا اقتصادياً، بعد أن أذهله هذا الأداء المتردى للإخوان فى الحكم، على كل مستوى، ولكن هذا كله لا يمكن أن يكون مبرراً، لأن نذهب ونفتش فى دفاترنا القديمة، فلا نجد غير مبادئ راسخة عاشت عليها الدولة المصرية، تاريخياً، فنعرضها للبيع فى مزاد!!. فما أفدح خسارتنا بين الدول!