توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مرسي في مرمى الرضا الأميركي!

  مصر اليوم -

مرسي في مرمى الرضا الأميركي

سليمان جودة

قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مساء يوم الجمعة الماضي، إن الرئيس المصري محمد مرسي، قطع بعض الخطوات على طريق الإصلاح، مستجيبا لما كان قد تعهد به، أمام جون كيري وزير الخارجية الأميركي، أثناء زيارته الأخيرة إلى القاهرة. الخبر نُشر بهذه الصيغة في أغلب الصحف المصرية الصادرة صباح الاثنين، وبعض هذه الصحف، وخصوصا الحكومية منها، أبرزه في الصفحات الأولى، وبالبنط العريض، في إشارة لا تخفى على أحد، إلى شيئين: أولهما بيان رضا الإدارة الأميركية عن الرئيس المصري، وثانيهما الرغبة في التأكيد على أن مرسي يعمل على الإصلاح فعلا، بعكس ما تريد المعارضة المصرية أن تقوله عنه، للعالم، صباح كل يوم!. ولو أنصفت الصحف التي أخذت تصريح نولاند على هذين المعنيين، لكانت قد تجاهلت الخبر، أصلا، أو نشرته في حيز ضيق، وفي صفحة داخلية. لا لشيء، إلا لأنه عندما تتأمل معناه الإجمالي، وتقرأ تفاصيله، تكتشف أنه يسيء إلى الرئيس مرسي أكثر مما قد يضيف إليه، تحت أي ظرف! ذلك أنك لست في حاجة إلى جهد كبير، لتدرك أن رضا الأميركيين عن مرسي خصوصا، ثم عن أي رئيس آخر عموما، ليس هو الشيء الذي يمكن أن نأمن إليه ونفاخر به، وإلا، فإن لنا أن نسترجع كلام هذه الإدارة الأميركية نفسها، عن الرئيس السابق حسني مبارك، خلال الأيام الأولى من ثورة 25 يناير، لنرى كيف أن الرضا المماثل عنه، قد انقلب فجأة، إلى سخط، وغضب، وضيق بالرجل الذي كان حليفا لهم، طوال 30 عاما! وحين خرج هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركية الأسبق، عن صمته، إزاء أحداث الربيع العربي، قبل أسبوعين من الآن، فإنه قال إن مبارك كان يستحق معاملة أفضل من واشنطن في أثناء الثورة.. وبالتالي، فإن نقل تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، للقارئ المصري، على أنها علامة رضا، من الإدارة الأميركية، عن رئيس مصر، مسألة مردود عليها، ويجب أن يؤخذ ذلك الرضا، بحذر دائم، لأن رضا من هذا النوع، لا يأتي مجانا في كل أحواله، كما أنه قابل لأن يتحول إلى النقيض، في لحظة! ليس هذا فقط، وإنما سوف يتبين لنا حجم الخداع الأميركي، عندما نقرأ في تفاصيل الخبر إياه، أن مرسي كان قد تعهد لوزير الخارجية الأميركي بأنه سوف يستجيب لرغبة القضاء في تأجيل انتخابات البرلمان، وأنه، كرئيس للبلاد، سوف يتعامل مع الموضوع بالطرق القانونية. ولا بد أن هذه هي المرة الأولى، التي نعرف فيها، أن مرسي قد قطع على نفسه عهدا، بهذا الشكل، أمام جون كيري، وأن لجوء الرئيس إلى الطرق القانونية، في مواجهة حكم القضاء بتأجيل الانتخابات، قد أرضى الإدارة الأميركية، التي اعتبرت ذلك، خطوة على طريق الإصلاح! وإذا كنت قد وضعت من جانبي، علامة تعجب، بعد كلمة الإصلاح، في العبارة السابقة، فقد تمنيت لو جعلتها مائة علامة تعجب، لأن الشيء الذي رأته إدارة أوباما، خطوة على طريق الإصلاح، من ناحية مرسي، كان ولا يزال، يمثل النقيض تماما، في نظر المعارضة المصرية، ثم في نظر قطاع عريض من المصريين! ففي يوم صدور الحكم، بتأجيل الانتخابات، عن الموعد الذي كان قد تحدد بقرار من الرئيس، كان مرسي ذاته، قد تعهد للشعب المصري - علانية، وفي بيان مذاع - بأنه لن يطعن على حكم القضاء، وأنه يحترم كلمة هذا القضاء. وهو البيان الذي أثار يومها، درجة من الارتياح في أوساط المعارضة، وفي الشارع عموما، لأن تأجيل الانتخابات كان مطلبا مطروحا بقوة في الحياة السياسية، من جانب فصائل المعارضة الأساسية، طوال الفترة السابقة على حكم المحكمة. فلما صدر حكمها، جاء وكأنه «هدية من السماء» على حد تعبير عمرو موسى في ذلك اليوم، لأنه، كحكم، قد استجاب لمطلب رئيسي للمعارضة، ورفع الحرج عن الرئيس، في الوقت ذاته، وكان الأمل، لذلك كله، أن يتلقفه مرسي باعتباره طوق نجاة جاءه من حيث لم يتوقع. غير أن ما حدث، بعدها بأيام، كان صادما لمصريين كثيرين، عندما استيقظوا ذات صباح، على أن خبر تخلي مرسي عن تعهده، بعدم الطعن على الحكم، وطعن عليه فعلا، ورفض طوق النجاة الذي كان ممدودا إليه، وداس بقدميه فوق الهدية التي رأى موسى أنها جاءت من السماء للجميع، وفي مقدمتهم مرسي بالطبع! إذن، نحن أمام عدة مفارقات كاشفة، من بينها - مثلا - أن الرئيس أوفى بتعهده مع جون كيري وتحلل من تعهده مع المصريين، حول الموضوع نفسه!.. ومنها أيضا، أن ما جلب رضا الأميركيين إليه، هو ذاته، ما أسخط المصريين، أو قطاعا كبيرا منهم على الأقل، عليه، ومنها، ثالثا، أن ما اعتبرته نولاند وإدارة بلادها، سعيا إلى الإصلاح، إنما هو نكوص عنه، وتراجع عن طريقه، بامتياز، لأن مقياس الإصلاح الحقيقي، هو مدى رضا المصريين، لا الأميركيين، عما يفعله مرسي! نقلاَ عن جرية الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرسي في مرمى الرضا الأميركي مرسي في مرمى الرضا الأميركي



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon