سليمان جودة
لا يصدق المصريون شيئين: أن الرئاسة لا تعرف أسماء ومكان الذين اختطفوا جنودنا، وأن الذين ارتكبوا العملية فروا هاربين، وتركوا الجنود وراءهم دون مقابل!
ولابد أن عدم تصديق ما قيل لنا لا يرجع إلى رغبة أصيلة فى عدم التصديق، فى حد ذاته، بقدر ما يرجع إلى أن ما قيل، ولايزال يُقال، لا يدخل أى عقل، ولا ينطلى عليه، لأن الذين قرأوا تفاصيل ما جرى فى صحف الأمس، وتابعوها على مدى ساعات على الشاشات، المفروض أن فى رؤوسهم عقولاً وليسوا أطفالاً يقال لهم أى كلام، فإذا افترض الذين يخاطبوننا أننا بلا عقول فهذا موضوع آخر!
فهناك إحساس خفى لدى كل الذين قابلتهم، أو تحدثت معهم، بعد تحرير الجنود بأن هذه القضية يُراد لها أن تضاف بشكل أو بآخر إلى قضية الجنود الذين استشهدوا على حدودنا، فى رمضان الماضى، ولاتزال هذه الأخيرة كقضية، مقيدة ضد مجهول، حتى هذه اللحظة، مع أن كثيرين يتهامسون، فيما بينهم، بأن هذا المجهول معروف، وأن إخفاءه يتم عن قصد!
باختصار، لا يصدق المصريون أن الذين نفذوا العملية، منذ البداية، قد نفضوا أيديهم منها فجأة هكذا، ودون أى مقابل، لأن القاعدة، فى مثل هذه الحالات، أن المختطفين لا يتخلون عما بين أيديهم ولا عما يساومون به، إلا فى حالتين: أن يسقطوا قتلى، أو أن تجرى الاستجابة لمطالبهم، ولو جزئياً، وهو ما لم يتم بما يرسم علامة استفهام كبرى حول الموضوع من أوله إلى آخره!
يتساءل مصريون كثيرون عن طبيعة هؤلاء المختطفين «الطيبين» للغاية أولاد الحلال، الذين ما إن أحسوا، كما قيل، بأن الحلقة تضيق من حولهم، حتى أطلقوا سراح جنودنا، وفروا هاربين إلى حيث لا نعلم، ولا تعلم رئاستنا، ولا دولتنا، ولا أجهزتنا المعنية، بكل هيلمانها، وجبروتها، وسطوتها!
بصراحة.. هناك حلقة مفقودة فى سياق الأحداث، وهذه الحلقة تتصل تحديداً بأسماء المنفذين لعملية الاختطاف، وهى حلقة تبدو مفقودة لدى الرأى العام المسكين وحده، لأن الظاهر من السياق كله أنها معلومة عند الرئاسة، وليست مفقودة، وأن إخفاءها يتم عن عمد، لأن الكشف عنها سوف يكشف بدوره عن عبث بلا حدود بنا، وببلدنا، فى المسألة كلها، ومن الطبيعى، عندئذ، أن تجرى محاسبة هؤلاء العابثين الذين يتصرفون بطريقة «يكاد المريب يقول خذونى»!
فمَنْ هذا المريب؟!
نقلاً عن جريدة " المصري اليوم "