سليمان جودة
تعرف أجهزة الدولة، أن كثيرين من المتواجدين فى ميدان رابعة العدوية، أو فى ميدان نهضة مصر، أمام جامعة القاهرة، موظفون رسميون فى الحكومة، وأنهم متغيبون عن وظائفهم منذ 30 يونيو الماضى، وأنهم يتقاضون رواتبهم بلا عمل، وهو وضع شاذ لا يجوز أبداً أن يستمر تحت أى ظرف.
وإذا كان هؤلاء المتغيبون يقبلون أن يأكلوا فى بطونهم مالاً حراماً، لا يؤدون أمامه أى عمل، فإن الحكومة، فى المقابل، لا يجب أن تسكت عن وضع مقلوب من هذا النوع، ولذلك، فنقطة البداية أن توجه الإدارات الحكومية إنذاراً لهم، على امتداد المحافظات، بأن التغيب عن العمل، لفترة محددة يعرفها القانون، سوف يعرِّض كل واحد فيهم للفصل نهائياً دون نقاش، ثم تبدأ كل إدارة فى ذلك فعلاً، إزاء كل الذين سوف يرفضون الالتزام.
إدارات الحكومة، فى كل محافظة، تعرفهم اسماً اسماً، ومن السهل حصرهم، وتوجيه إنذارات بالفصل إليهم، فى وقت لا يستغرق ساعات معدودة، لأن السكوت عليهم، إنما هو إهدار لمال عام، يحصل عليه كل فرد فيهم، عن غير وجه حق، وإذا كان هناك أحد منهم، يفضل البقاء فى الشارع، والتسكع فى رابعة، أو فى النهضة، فليفعل، بشرط أن يتخلص من عمله، وأن يبحث عن آخر فى مكانه، يعمل فى مقابل أجر يتقاضاه.
وأظن، أن هذه يمكن أن تكون بداية، لإخلاء جميع ميادين البلد، من هذه الأعداد المتواجدة فيها، والتى طال وجودها بأكثر مما يجب، وزاد عن المعقول، وعن المقبول!
ولابد أن الذين يتحركون فى العاصمة يعرفون أن سكانها قد ضاقوا بهذا الوضع، كما لم يحدث معهم، إزاء أى وضع مشابه من قبل، ويعرفون أيضاً أن القاهرة تختنق على مدار ساعات الليل والنهار ألف مرة، وأن هؤلاء المتكدسين فى ميادينها الرئيسية، يمثلون عبئاً فوق طاقة أى بشر على التحمل، خصوصاً إذا كان هؤلاء البشر قد شاء لهم حظهم الأسود، أن يكونوا من أبناء العاصمة، وأن يتحركوا فى شوارعها، كل يوم لقضاء مصالح لا يمكن تأجيلها!
وأظن أن على حكومة الدكتور حازم الببلاوى أن تكون حازمة أكثر، فى تعاملها مع هذا الموضوع، وأن ترحم أبناء القاهرة من عناء الحركة فى شوارعها التى تشهد حالة مأساوية من الانسداد والاختناق، بامتداد اليوم، وإذا كانت مليونيات الأمس، قد مرت، فإن فى إمكان الدكتور حازم الببلاوى، أن يعتبر أن ما فات قد فات، وأنه قد آن الأوان لفض هذه التجمعات، بأى طريقة، ابتداءً من اليوم، وفق جدول زمنى يجرى إعلانه مسبقاً.
فى إمكانه أن يصدر بياناً حازماً، يحدد فيه موعداً لإخلاء الميادين كافة، بما فى ذلك التحرير طبعاً، والاتحادية، وكل ميدان، من تجمعات البشر، الذين سيكون عليهم أن يعودوا إلى أعمالهم، وبيوتهم، لعل القاهرة تتنفس من جديد!
ليس هناك شعب فى الدنيا، يتفرغ عدد من أبنائه للتظاهر، ثم يعملون فى أوقات فراغهم، إذا عملوا، ولهذا، فإن إخلاء هؤلاء جميعاً، من الميادين، ودون استثناء، لابد أن يكون من أولويات الحكومة التى لا تقبل الفصال.
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"