سليمان جودة
ما قد يفوت على إخواننا فى حركة تمرد أن ما جرى يوم 30 يونيو لم يكن ممكناً، دون جهد هذه الحركة المصرية الخالصة، التى أزاحت حكم الإخوان إلى غير رجعة، فيما يشبه المعجزة من السماء.
وما قد يفوت عليهم، أيضاً، أن انحياز الجيش إلى المصريين، فى 3 يوليو، لم يكن له أن يكون، لولا وجود ذلك الحشد الهائل الذى اندفع كالطوفان فى الشوارع والميادين، ضد عجز وفشل جماعة مرسى.
نحن، إذن، أمام حركة لم يكن فى مقدورها أن تجسد آمال المصريين على الأرض، دون انحياز المؤسسة العسكرية لها، وبمعنى أدق لقدرتها على إغراء 30 مليون مصرى بالنزول إلى الشارع، ونحن، فى الوقت ذاته، أمام مؤسسة عسكرية وطنية لم يكن فى مقدورها أيضاً أن تنحاز إلى ما انحازت إليه، لولا أنها رأت أن أمامها إرادة شعبية واسعة، وممتدة فى الشارع، وأن هذه الإرادة فى حاجة إلى أن من يأخذ بيدها، ويدعمها، ويتبنى مطالبها، وهو بالضبط ما فعله جيشنا العظيم، لا أكثر، ولا أقل.
أقول هذا الكلام لأنى شاهدت عدداً من شباب تمرد، يتحدثون فى التليفزيون، وكان بينهم محمود بدر، منسق الحركة، وفهمت من الكلام أن لهم اعتراضات، أو ملاحظات من نوع ما على الدستور الذى يجرى تعديله حالياً.
وهنا نريد أن نقول، بوضوح، إن هذا ليس هو دور تمرد، الذى يقدره كل مصرى، ولا هو توقيت إبداء هذه الاعتراضات، لأن حركة من نوع تمرد يجب أن تبقى ضميراً لثورة 30 يونيو، طول الوقت، وأن يكون جهدها كله منصباً فى هذا الاتجاه، من أجل تحقيق هدف محدد، لا يجوز أن يغيب عن عينها، فى أى لحظة.
هذا الهدف هو التأكيد دائماً على أن خريطة المستقبل، المعلنة من جانب الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ليست خريطة خاصة بالجيش، وإنما هى ترجمة مباشرة لإرادة شعبية عريضة ملأت أرجاء البلد فى 30 يونيو.
دور تمرد، باعتبارها حركة شعبية واسعة الانتشار، ليس فى المشاركة فى دستور يوضع، ولا فى توجيه انتقادات إلى ما قد ترى أنه غير مقبول فى الدستور ذاته، فهناك آخرون سوف يقومون عنها بهذا الدور، وعلى أكمل ما يكون، ليبقى عليها هى أن تظل ضميراً شعبياً يقظاً للثورة، بحيث يكون لديها الرد الشعبى الجاهز على أن ما تم فى 3 يوليو كان انحيازاً صادقاً من الجيش للمواطنين، ولم يكن انقلاباً بأى معنى، كما يصمم مجانين الإخوان على أن يروّجوا عن باطل.
وما هو أهم أن على «تمرد» أن تعى أن عندها مهمة أخرى أعظم، وهى أن تكون جاهزة فى أى وقت لحشد ملايين 30 يونيو فى الشارع من جديد، بما يجعل بقايا المتعاطفين مع الإخوان فى أوروبا وأمريكا على يقين من أن حرب الجيش والشرطة على الإرهاب مدعومة شعبياً بلا حدود.
نقلاً عن "المصري اليوم"