سليمان جودة
سوف يكون شيئاً جيداً للغاية، أن يلتفت الخمسون عضواً الذين يعدلون دستور الإخوان هذه الأيام إلى أمرين من الضرورى أن نتوقف عندهما.
أما الأول فهو أن يشار إلى الدولة فى الدستور بمسماها الحقيقى، وهو «مصر»، لا «جمهورية مصر العربية»، فالعالم كله فى شتى اللغات، يعرفها على أنها Egypt، وهذا هو اسمها الذى كان ولايزال، وسوف يظل، وليس معقولاً أن نقول عنها مرة إنها جمهورية مصر العربية، ومرة أخرى نسميها الجمهورية العربية المتحدة، وهكذا.. وهكذا.. مع أن أمامنا اسمها الخفيف على اللسان، والجذاب، والأصلى، وهو: مصر.
إن كل دولة توصف دائماً باسمها مجرداً دون أى إضافات إليه لا لزوم لها، ولم نسمع ـ مثلاً ـ عن تسمية فرنسا بـ«الجمهورية الفرنسية الأوروبية» ولا قيل عن إيطاليا إنها الجمهورية الإيطالية الأوروبية، وإنما اسمها فرنسا، وإيطاليا، لا أكثر، ولا أقل.
ولن يكون فى اسم بلدنا هذا أى نوع من التخلى عن امتدادنا العربى، أو التزامنا تجاه أمتنا العربية، لأن الالتزام هنا، أو الامتداد إنما هو مضمون وممارسة، ليس مجرد مسمى.
هذه فكرة.. والثانية أن صلاحيات رئيس الجمهورية فى العفو عن الأشخاص، يجب أن توضع لها حدود معقولة، ومقبولة فى دستورنا الجديد.
لقد فوجئنا على مدى عام كامل من حكم «مرسى» بأنه عفا عن «مدانين» فى جرائم كاملة، وأرجو أن ننتبه هنا إلى أنى وضعت كلمة «مدانين» بين قوسين، لأن العفو من جانبه، لا سامحه الله ولا غفر له، كان فى كل حالة عن شخص مدان، وليس عن مجرد شخص متهم، يحتمل وضعه الإدانة أو البراءة!
وربما يكون العفو من جانبه عن قاتل اللواء شيرين، قائد قوات الأمن فى أسيوط، هو المثال الصارخ فى هذا المجال، فالرجل الذى عفا عنه الرئيس الإخوانى، كان قد قتل اللواء وحوكم على فعلته وأدين، وعوقب مرتين، وفى كل مرة كانت العقوبة 25 عاماً، ومع ذلك فقد عفا عنه «مرسى»!!
وقد كان عفواً من هذا النوع يمثل خطيئة مضاعفة: مرة لأن فيه استهانة بأحكام القضاء، ومرة لأن فيه أيضاً استخفافاً بحياة رجل شرطة عاش ومات وهو يؤدى واجبه.
ولم يكن مثال اللواء شيرين، فريداً من نوعه فما أكثر المدانين، والمجرمين، والقتلة، الذين عفا عنهم رئيس الإخوان، وأطلقهم على المجتمع تارة، وفى سيناء تارة أخرى، بما جعل العبء على قواتنا المسلحة فيها مضاعفاً، وثقيلاً.. ثم تسمع بعد ذلك من يتبجح، ويصف المعزول بأنه رئيس شرعى!
الله وحده أعلم بحجم الوقت الذى سوف نكون فى حاجة إليه، لإزالة آثار خطايا مرسى وجماعته، ولكننا لا نريد لشىء من ذلك أن يتكرر مستقبلاً، وهو ما تملكه لجنة الخمسين كاملاً فى يديها.
نقلاً عن "المصري اليوم"