سليمان جودة
الثلاثاء الماضى.. كان الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، مدعواً مع الدكتور جلال سعيد، محافظ القاهرة، لافتتاح أعمال تطوير مدرسة الحلمية الجديدة الابتدائية فى منطقة الدرب الأحمر.
إلى هنا، سوف يبدو الخبر، لمن كان يتابعه فى حينه، خبراً عادياً لن يلفت فى الغالب نظر أحد.. ولكن.. حين يبدو الدكتور حسام بدراوى موجوداً فى الصورة مع الوزير والمحافظ، فلابد أن ننتبه، ثم نسأل عن مبررات وجوده، خاصة أنه لا يتولى منصباً مهماً فى الوزارة، ولا فى المحافظة، كما أن اهتمامه الخاص المعروف عنه بالتعليم فى البلد، وبجودته، بشكل أخص، لا يمثلان السبب الأصلى لتواجده فى قلب الصورة يوم الافتتاح.
السبب هو أن جمعية «تكاتف» للتنمية، التى يرأسها الرجل، هى التى تكفلت كاملاً بأعمال تطوير المدرسة، ولم تكن هذه هى المدرسة الأولى، وإنما كانت الرابعة على مستوى القاهرة.. وحين كتبت فى هذا المكان، قبل شهر تقريباً، عن أن القادرين فى مصر مدعوون إلى أن يشاركوا الدولة، بقوة، عمليات إصلاح ما أفسد الإخوان، بادر الدكتور بدراوى وقال إن جمعيته تكفلت بإصلاح المدرستين اللتين حولهما الإخوان إلى حظيرة للمواشى فى رابعة العدوية، وإعادتهما إلى أصلهما.
وما يجب أن نتوقف عنده هنا أن ما تقوم به «تكاتف» لا يتوقف عند حدود إصلاح المبانى، أو المقاعد، أو الأبواب، أو النوافذ، وإنما يتجاوز هذا كله إلى محاولة إصلاح عقول التلاميذ أنفسهم، عن طريق تنظيم دورات تدريبية للمدرسين، حتى نجد أنفسنا فى النهاية أمام عملية تعليمية مكتملة الأركان: مدرسة وتلميذ ومدرس، ثم منهج صالح لتربية العقول.
وإذا كانت الجمعية تتعامل مع المدرسة كمبنى، ومع المدرس كمعنى، فإن عبء التلميذ، بعد ذلك، ومعه المنهج المقرر عليه، إنما يقع على الدكتور أبوالنصر، الذى لا يفوت يوم إلا ويعلن فيه أن الطلاب، فى أى مدرسة، هم مسؤوليته الكاملة.
أسوق هذه الحكاية كلها، لأقول بوضوح كامل إن العون الذى يقدمه القطاع الخاص، والقادرون فى البلد عموماً لوزارة التعليم لايزال دون المستوى الذى نطمح إليه، إذ يبدو جهد الدكتور حسام فى مجاله كأنه شىء فريد من نوعه، لا يريد أحد أن يحاكيه، أو يكرره، أو يقلده، مع أننا أحوج الناس إلى مثل هذا الجهد الآن.. وفوراً.
ثورة 30 يونيو، ومن قبلها ثورة 25 يناير، لن يكون لهما رصيد حقيقى على الأرض، بكل أهدافهما، إلا إذا كان فى مدارسنا وجامعاتنا تعليم جيد، وهذا بدوره لن يتحقق إلا برؤية، ومعها إنفاق ينقل الرؤية من عقول أصحابها إلى حياتنا، وإذا امتكلت الدولة رؤيتها فى ظرفنا الحالى فلن نجد المال الكافى، وهنا تحديداً، سوف يكون على «تكاتف» أن تتقدم ومعها غيرها حتى لا تبقى وحدها.. فأين القادرون فى بلدنا، ومتى يكونون ظهيراً للوزير أبوالنصر؟!
نقلاً عن "المصري اليوم"