سليمان جودة
إذا جاز لنا أن نفتقد أحداً، اليوم، فهذا الأحد هو السادات العظيم، الذى لولاه لكان وضع سيناء، فى هذه اللحظة التى نتكلم فيها، لا يختلف أبداً عن وضع غزة، ولا عن وضع الضفة الغربية.
نفتقد الرجل، اليوم، كما كان المستشار الألمانى هيلموت شميت، ولا يزال، يفتقده، وحين سألوه فى عيد ميلاده التسعين عن أعظم الساسة الذين قابلهم فى حياته فإنه رد سريعاً وقال: «إنه السادات دون منازع».. ثم أضاف أنه لا يفتقده على المستوى الشخصى فقط، وإنما يفتقده، بالدرجة نفسها، عندما يقرأ عن أى مشكلة مثارة فى العالم بين دولتين، ولا تجد رجلاً شجاعاً مثل السادات يتصدى لها!
رجل بهذا الحجم، وبهذا الوزن، فى بلده، وفى خارجه، لم يجد محمد مرسى أدنى حرج، ولا استحى، وهو يأتى بالذين قتلوه ليجلسوا أثناء احتفال 6 أكتوبر من العام الماضى فى منصة الاحتفال، وكم كان موجعاً لكل مصرى وطنى أن يرى القتلة فى الحفل، وأن يكون أبطال الحرب فى بيوتهم، يتأملون ما يجرى فى حزن، وأسى، وألم!
والحقيقة أنه ليس لنا أن نندهش من المأساة التى شهدها حفل السنة الماضية، ولا من ألاعيب الصغار التى يمارسها الإخوان أثناء احتفالات هذا العام، فما جرى قبل عام حين يوضع فى إطار واحد مع ما يؤمنون به، يظل شيئاً طبيعياً، لا غرابة فيه، وكذلك عبث هذا العام.. فأنت، فى النهاية، أمام جماعة إخوانية، لا تعنى سيناء بالنسبة لها أى شىء، ولا حتى مصر كلها، وإلا ما كان كبيرهم مهدى عاكف قد قال يوماً: طظ فى مصر.. وما كان رئيسهم العاجز الفاشل قد راح يخطط لأن يتنازل عن جزء من سيناء الغالية، أو حتى عنها كلها، ما دام ذلك سيؤدى إلى بقائه فى الحكم!
تجربة تعيسة لنا معهم، طوال عام لهم فى الحكم، لابد أن تكون قد جعلتنا نراهم جيداً على حقيقتهم العارية، وأن نكون على يقين بعد تجربة العام الأسود من أن هؤلاء ناس تخصصوا فى هدم الدول، لا بنائها أبداً، سعياً إلى خلافة إسلامية وهمية، لن تتحقق فى أى وقت إلا فى الخيال المريض الذى يتلبس كل واحد فيهم!
فالمصرى الوطنى الطبيعى ينحنى فى هذا اليوم احتراماً، وتقديراً، وإجلالاً، للسادات العظيم مرة، ثم لكل الذين شاركوه صناعة النصر مرات، ابتداءً بالقادة الكبار، ووصولاً إلى أصغر جندى حارب فى مثل هذا اليوم من 40 سنة، تحت علم مصر، ثم راح يرفعه مرفرفاً فى سيناء، حتى لو فقد حياته فى سبيل هذا الهدف السامى الذى لا يدانيه أى هدف آخر.. غير أن المصرى الإخوانى لا يعنيه هذا كله فى شىء، ولا يراه، لا لشىء إلا لأن جماعته تضع غشاوة على بصره ثم على عقله، منذ اللحظة الأولى التى يصير عضواً فيها، فلا يرى غيرها فى الدنيا!
وإذا كنا نحتفل، ثم نحتفى، اليوم، بالسادات، ورجاله العظام، فلابد أن يتوازى مع ذلك احتفال، ثم احتفاء آخر، بالسيسى، ورجاله العظام أيضاً.. ففى المرة الأولى حرر السادات سيناء، وفى الثانية حرر السيسى مصر كلها.
نقلاً عن "المصري اليوم"