سليمان جودة
حتى لحظة كتابة هذه السطور صباح أمس كان 51 مصرياً قد سقطوا على أيدى أتباع الإخوان فى أثناء احتفالاتنا بذكرى نصر أكتوبر العظيم، وكان 375 مصرياً قد أصيبوا، وكانت الجماعة الإخوانية قد اختارت من تلقاء نفسها أن تخرج على المصريين جميعاً فى هذا اليوم وأن تقتل وتصيب منهم هذا العدد!
وحقيقة الأمر أن ما يجب أن ننتبه إليه بكامل وعينا هنا ليس أن الإخوان قد قرروا أن يتظاهروا فى يوم هذه هى طبيعته، وهذه هى مكانته لدى كل مصرى محب لبلده.. لا.. ليس هذا أبداً هو ما يتعين أن ننتبه إليه بكامل وعينا، لا لشىء إلا لأنه ليس جديداً، فهو، أى التظاهر فى يوم 6 أكتوبر، مجرد حلقة من حلقات العبث الذى يمارسونه معنا منذ أن أزاحتهم ثورة 30 يونيو الماضى عن حكم لم يكونوا أهلاً له أبداً، وكانوا أعجز الناس عن النهوض بمسؤولياته، وأدناهم إدراكاً لمقتضياته.
وحتى إذا قال أحد إن إفساد فرحة المصريين فى هذا اليوم العظيم هو الشىء الذى ينبغى أن نتوقف أمامه طويلاً، فسوف أخالفه تماماً، لأن محاولة إفساد فرحتنا بذكرى نصر أكتوبر المجيد لا تختلف فى حقيقتها عن محاولة إفساد هدوء كل يوم جمعة فى حياة كل مصرى منذ أن تلقى الإخوان الضربة القاصمة من 33 مليون مصرى فى 30 يونيو الماضى.. فمنذ تلك اللحظة لا يهنأ لهم بال إلا إذا نغصوا علينا حياتنا فى كل يوم يكون إجازة رسمية بطبيعته، ويكون من حق كل مواطن أن يستريح فيه قليلاً، فإذا بالإخوان وأتباعهم يحولونه إلى معاناة وإذا بهم، فيه، موضع نقمة من كل مصرى مخلص لوطنه.
فإذا جاء أحد آخر وقال إن الشىء الذى ضايقه ثم لفت نظره بالتالى هو أن الإخوان حاولوا أن يسرقوا فرحة مصرية عامة فى يوم لم يكن كسائر الأيام من عام 1973، وأن محاولاتهم قد باءت بالفشل لأن المصريين قد فرحوا رغم كل شىء، وقد احتفلوا رغم أنف الإخوان، وقد احتفوا بأبطال ذلك اليوم وبجيشهم العظيم رغم محاولات السرقة والإفساد.. إذا قال أحد آخر هذا فسوف أخالفه كذلك ليس عن رغبة فى المخالفة من أجل المخالفة وإنما لأن هذا كله إذا كان مهماً، وهو مهم فعلاً، فهو ليس الأهم!
ما هو هذا الأهم إذن؟!.. إنه فى تقديرى يظل فى الحقيقة التالية: فى يوم 6 أكتوبر 1973 سقط كذا مصرى ما بين شهيد مصاب على يد العدو.. وفى اليوم ذاته من عام 2013، سقط شهداء ومصابون مصريون أيضاً ولكن على يد الإخوان بكل ما سوف يكون لهذه المفارقة من معنى موجع عندك.
نقلاً عن "المصري اليوم"