سليمان جودة
طبعاً.. سوف تخرج جماعة الإخوان وتعلن، كالعادة، أنها لا علاقة لها بالاعتداء الذى وقع على كنيسة الوراق، مساء أمس الأول، وسوف تردد علينا من جديد أن مظاهراتها سلمية، وأنها بريئة من العنف الذى يرتكبه آخرون باسمها، وأنها لا تمارس عنفاً، ولا تحرض عليه، وأنها.. وأنها... إلى آخر هذا الكلام الذى أفقدته ممارساتها معناه، وأفرغته تماماً من أى مضمون!
إن عزاءنا الوحيد فى حادث الكنيسة أو فى أى حادث آخر يمكن أن يتعرض له أى قبطى، أن إخواننا الأقباط قد برهنوا بالدليل فيما بعد ثورة 30 يونيو بشكل خاص، وقبلها بوجه عام، أنهم أبناء أصلاء حقاً لهذا الوطن، وأنهم أحرص عليه من أولئك الذين يرفعون فى وجوهنا شعارات إسلامية فارغة وخادعة، ولا أجد حرجاً فى أن أقول إنهم أثبتوا أنهم أقرب كثيراً إلى روح الإسلام، وجوهره، ومقاصده العليا، من أولئك الذين يطلقون على أنفسهم مسمى «إخوان مسلمون»، فى حين أنهم ليسوا إخواناً، وليسوا مسلمين، كما كان مرشدهم البنا قد أطلق عليهم ذات يوم.
وحين أحرق الإخوان عشرات الكنائس يوم 14 أغسطس، أى فى أعقاب فض اعتصام رابعة المسلح، فإن البابا تواضروس الثانى قد خرج ليقول للدنيا إن كنائسهم فداء لمصر، وأظن أن كثيرين قد تذكروا البابا شنودة عندما سمعوا هذه العبارة، وأظن أيضاً أنهم قد اعتبروا أن «تواضروس» هو خير خلف لخير سلف.
ولابد كذلك أن الإخوان قد ماتوا غيظاً حين وصلتهم عبارة كهذه عن الرجل، فقد كان رهانهم، ولايزال، على أن يفسدوا علاقة لا يمكن أن تنفصم، بين مسلمى هذا البلد وأقباطه، وهى علاقة يعرف العابثون باسم الدين الإسلامى أنها أسمى وأعمق وأقوى مما يمارسونه من عربدة بطول بلدنا وعرضه!
على ماذا إذن يراهن هؤلاء المجانين، الذين لم يعرفوا يوماً معنى لوطن، ولا لبلد، ولا لأرض مصرية طيبة؟!
فإذا خرج مكابر ليقول إننا نتهمهم دون دليل، فسوف أضع أصبعى فى عينه، وأقول إنهم إن لم يكونوا متورطين بشكل مباشر فى واقعة الوراق، فإنهم متورطون فيها بشكل غير مباشر، لأن أجواء الفوضى التى يثيرونها فى الشارع المصرى، دون أدنى إحساس بأى مسؤولية، هى وحدها، أى تلك الأجواء، التى تسمح بارتكاب حماقات من نوع الاعتداء على دار عبادة آمنة، لا ذنب لها فى شىء، ولا ذنب للذين كانوا قد ذهبوا إليها فى شىء أيضاً.
لا يجد المرء شيئاً ينطبق على «الإخوان» هذه الأيام سوى تلك الآية الكريمة من كتاب الله، التى يصف فيها القرآن العظيم قوماً بأنهم كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله.
نقلاً عن "المصري اليوم"