سليمان جودة
لم يكن الرئيس السابق محمد مرسى يتوقف طوال عام تعيس قضاه فى الحكم عن وصف الرئيس الأسبق مبارك بأنه قاتل، وفاسد، ومجرم إلى آخره.. وكان يكررها كثيراً، ومراراً، وكأنه كان يجد متعة فى ذلك، ولم يكن أحد عنده مانع أبداً أن يوصف الرئيس الأسبق بهذه الأوصاف، وبمثلها عشرات الأضعاف، بشرط واحد ووحيد هو أن يحكم القضاء وحده بأنه قاتل ـ مثلاً ـ وعندها كنا جميعاً سنقول إنه كذلك فعلاً، وكنا سنقول وراء «مرسى» وغيره: آمين!
نبهنا «مرسى» وقتها كثيراً إلى أنه بوصفه رئيس الدولة، وقتئذ، فإن عليه أن يكون أحرص الناس على احترام القانون وعلى عدم انتهاكه، ولكنه لم يكن يبالى، وكان يتعامل مع النظام الحاكم الذى سبقه بنوع من التشفى لم يكن يجوز ولا يليق، فضلاً عن أنه لم يكن من أخلاق الإسلام الذى كان يحكم باسمه.
اليوم.. سوف يكون عليه أن يشرب من الكأس ذاته، وأن تجرى محاكمته بالتهمة ذاتها، ولابد أنه نادم الآن على ما كان يقوله فى حينه، بمثل ما أبدى الندم طويلاً على أنه فكر ذات يوم فى إصدار الإعلان الدستورى المشؤوم، يوم 21 نوفمبر من العام الماضى، وهو ـ أى ذلك الإعلان ـ الذى كان بمثابة بداية نهاية مرسى والإخوان معاً.
وفى زمن الإخوان، فإن المظاهرات كانت تخرج أمام المحاكم كلما انعقدت جلسة لمحاكمة «مبارك» أو أحد من رموز عصره، وكنا فى ذلك الوقت، وفى كل وقت، نقول إنه ليس مقبولاً على أى مستوى أن تنعقد أى محاكمة لأى شخص، ثم يتظاهر الناس أمام المحكمة، طلباً لبراءة أو إدانة، لأن معنى هذا أن يقضى القاضى بما يريد المتظاهرون خارج القاعة، وليس بما أمامه من أدلة وبراهين، وهذا هو الظلم كله، فالقاضى ـ كما هو مستقر فى ضمير قوانين الدنيا كلها ـ يحكم بما هو موثق أمامه، وليس بما يقال من حوله.
لذلك تبدو رغبة الإخوان فى تسيير مظاهرات أثناء محاكمة مرسى مسألة عجيبة، ومحزنة، لسببين: أولهما أن هذه المظاهرات، مهما بلغ حجمها، لن تغير من واقع الأمر شيئاً، كما حدث مع «مبارك» بالضبط، وثانيهما أن الشىء الوحيد المقبول من «الجماعة»، فى ظرف كهذا، أن تطلب محاكمة عادلة للمتهم، وأن نستجيب لهذا الطلب، لا أكثر من هذا ولا أقل.
نقلاً عن "المصري اليوم"