سليمان جودة
ما أرجوه أن نتوقف أمام الشىء المشترك الذى يجمع بين أول ظهور على الناس للدكتور محمد مرسى، كرئيس منتخب، فى أوائل يوليو 2012، بعد أن كان قد أدى اليمين الدستورية قبلها بأيام، وتحديداً يوم 30 يونيو من العام نفسه، وبين أول ظهور له على الناس أيضاً، يوم 4 نوفمبر، أمس الأول، أمام محكمته، بعد أن كان قد خلعه المصريون فى ثورة 30 يونيو 2013.
هناك شىء واحد، بل هو وحيد، يجمع بين المشهدين فى عامين متتاليين، وهو شىء له معناه المحزن على كل حال.
ففى المرة الأولى، كان هذا الشىء هو أن «مرسى» أصدر وقتها قراراً بإعادة مجلس الشعب المنحل بقرار مسبق من المحكمة الدستورية العليا، ولم يأبه «مرسى»، فى ذلك الوقت، بمحكمة دستورية عليا، ولا بقرار صدر عنها، ولا بضرورة احترام قرارها من جانبه، أياً كان رأيه هو وجماعته فيه، وكان فألاً غير حسن فى عمومه، إذ تساءل كثيرون فى حينه، عما يمكن أن يفعله الرئيس الجديد المنتخب فى باقى أيام وجوده فى الحكم، إذا كان قد استهل هذا الحكم بمخالفة القانون، وبالاستهانة بالمحكمة الدستورية العليا، أعلى محاكم البلاد؟!
وليس أدل على خطأ ما فعله، فى أيامها، إلا أنه قد تبين له سريعاً أن قراره غير مقبول، وغير معقول، ليس فقط على المستوى القانونى أو الدستورى وحده، وإنما على مستوى الشارع المصرى ذاته، فلم يكن أمامه إلا أن يتراجع عن القرار، ثم صار ذلك سمة من سماته، مع الأسف، فلم يكن يُصدر قراراً إلا ليعود عنه فى اليوم التالى، ولم يكن سلوك كهذا سلوكاً لرئيس جمهورية مسؤول فى كل الأحوال.
أمس الأول، كان الشىء الذى ميز ظهوره هو أيضاً إعلانه الاستخفاف بالقانون، عندما ظهر بملابسه العادية، ولم يشأ أن يرتدى زى الحبس الذى ارتداه من قبله، رئيس أسبق، ولم يجادل فيه. بعض أتباعه راحوا يتاجرون بهذه المسألة، ويرون أن تمسكه بملابسه العادية دليل صمود، وتماسك، وشجاعة، و.. و.. إلى آخر هذا الكلام الذى هو بلا معنى أصلاً.. إذْ ليس من الشجاعة فى شىء أن تكون رئيس جمهورية سابقاً، ثم يكون الانطباع الأول الذى يصل إلى الناس عنك، ثم يدوم فى مشهدين فارقين من هذا النوع، هو أنك لا تلتفت كثيراً إلى القانون، كفكرة، فتنتهكه ولا تبالى، لتصبح فى الحالتين أسوأ قدوة ممكنة!
كم تمنيت لو أن السلطات المعنية قد أرغمته على ارتداء زى الحبس، لعله يفهم أنه إذا كان قد داس على القانون فى المرة الأولى، متحصناً بمنصبه، فإن هناك فى المرة الثانية مَنْ سوف يرغمه على الالتزام بصحيح القانون.
نقلاً عن "المصري اليوم"