سليمان جودة
كتب الاستاذ فهمى هويدى فى «الشروق»، أمس الأول، بقول إن مواطناً تعرض للسرقة صباح الجمعة، على الطريق الدائرى، وإن الذين استوقفوه ليسرقوه استولوا على كل ما كان معه، من أول سيارته، مروراً بجهازه المحمول، وانتهاء بنقوده، ثم أطلقوا النار، وهم يهربون، فأصابوا ابنه الذى كان فى صحبته.
الأستاذ فهمى قال أيضاً إن الجناة الذين لاذوا بالفرار، بعد ارتكاب جريمتهم، كانوا قد اختاروا توقيت ارتكاب الجريمة جيداً، وإن اختيارهم تلك الساعة المبكرة من صباح الجمعة، مدروس، لأنه راجع إلى أنهم يعرفون مسبقاً أن مظاهرات الإخوان تخرج فى العادة فى هذا اليوم، وأن الشرطة أصبحت تتهيأ وتتحسب لأيام الجمعة مبكراً، لصد ما قد يقع من هجمات للمتظاهرين على المنشآت الحيوية، وأنها، أى الشرطة، تتفرغ تماماً للتعامل مع المظاهرات، ولا تلتفت إلى حماية أرواح وأموال الناس العاديين مما قد يقع عليها من اعتداء، كما حدث مع المواطن المسكين!
يلفت النظر فيما قاله الكاتب شيئان أساسيان لا يعرف المرء كيف فاتا عليه رغم أنهما مثل شمس الظهيرة، ولا نعرف أيضاً ما إذا كان تجاهلهما كان سهواً منه أم أنه عن قصد.
أما الشىء الأول فهو أن الأستاذ هويدى يرى فى تفرغ البوليس لحماية المنشآت الحيوية من اعتداءات قد تقع من المتظاهرين، انشغالاً بحماية السلطة، والنظام الحاكم، والحكومة، فى حين أن الأولى فى تقديره أن يتفرغ البوليس لحماية أرواح الناس وأملاكهم من اللصوص، وبمعنى آخر، فإن أولى به أن ينشغل بالأمن الجنائى عن السياسى.
ولابد أن هذه هى المرة الأولى، التى نسمع فيها أن الاستعداد للدفاع عن أقسام البوليس - مثلاً - والتى أضحت هدفاً ثابتاً للاعتداء عند خروج أى مظاهرة، يمثل انشغالاً بالسلطة، وبالنظام، وبالحكومة، عند أمن آحاد الناس.. إذ الثابت، حتى الآن، أن أى قسم بوليس إنما هو منشأة حيوية يملكها المصريون جميعا، وتعمل فى ظروفها العادية من أجلهم هم، ولا تملكها السلطة، ولا النظام الحاكم، أياً كان، وبالتالى فإن حرص الداخلية على تأمين أقسامها ومراكزها يظل حرصاً على الحفاظ على شىء يملكه كل مصرى، ولا تملكه أى سلطة.
أما الشىء الثانى، فهو أن كاتبنا بدلاً من أن يطلب من جماعته أن تتوقف، ولو مؤقتاً، عن تظاهرات صارت بلا هدف، وبلا معنى، وبلا قيمة، وبدلاً من أن يطلب من الإخوان أن يكفوا عن استنزاف جهاز الشرطة، وعن مناوشته، وعن استدراجه إلى معارك بلا أى جدوى، فإنه يلوم البوليس على أنه يستعد فى كل يوم جمعة لمنع العبث الإخوانى فى الشوارع والميادين، من أن يصل إلى منشآت الدولة كافة، التى هى فى النهاية منشآت يملكها الناس، لا الحكومة أبداً.
أستاذ فهمى.. يقول القرآن الكريم: «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى».
نقلاً عن "المصري اليوم"