سليمان جودة
فى مثل هذا الأسبوع من نوفمبر 1977، فاجأ السادات العالم بزيارة القدس، وكانت الزيارة فى حينها موضع دهشة وإعجاب فى أنحاء الأرض، وقد قيل عنها ما قيل فى وقتها، ثم امتداداً منه إلى لحظتنا الحالية.
وعندما نجد أنفسنا فى هذا الشهر وفى هذه الذكرى، فلابد أن نذكر الرجل، وأن نذكر شجاعته وجرأته وبصيرته، وأن يعرف أبناء الجيل الجديد أن مصر عرفت ذات يوم رجلاً عظيماً اسمه أنور السادات، وأن بلدنا إذا كان فى حاجة اليوم إلى رجل، فهو فى حاجة إلى واحد من نوعية ذلك البطل الراحل، الذى لما سألوه يرحمه الله فى آخر أيامه عما يحب أن يقال عنه بعد غيابه عن الدنيا قال بلا تردد إنه يتمنى أن يقال عنه إنه عاش من أجل مبادئ يراها ويؤمن بها، ومات من أجل سلام سعى إلى أن يصنعه بيديه.
وإذا كان ديننا يأمرنا بأن نذكر محاسن موتانا، فمحاسن السادات كانت كثيرة، وعلينا أن نذكرها دائماً، وألا ننساها فى غمرة الانشغال بما حولنا.
علينا أن نذكر له مثلاً أنه هو الذى وضع دستور 1971، وأنه كان دستوراً عظيماً، وكان أعظم من دستور 2012 الإخوانى، وربما من دستورنا الذى نضعه فى الوقت الحالى، ولم يكن يعيبه سوى مادة أو مادتين أو ثلاث وعندما جرى تعديلها، بعد ثورة 25 يناير، كان الأمل أن نعمل به بعد تعديله، وإلا فلماذا عدلناه، غير أن ما حدث كان العكس تماماً، وهو أمر ليس مفهوماً إلى اليوم، وسوف نفهمه حتماً ذات يوم.
يجب أن يذكر الإخوان للسادات العظيم أنه هو من أفرج عنهم، وأنه هو من أخرجهم من السجون، وأنه هو من أتاح لهم أن يعملوا، بشرط أن يلتزموا بقواعد العمل السياسى وهم يعملون، ولكنهم لم يفعلوا طبعاً، وكانوا، ولايزالون، يرون أنهم إما أن يكونوا كل شىء أو يكونوا لا شىء، وهى مسألة جعلت المجتمع فى أيامنا هذه لا يتردد فى أن يدفع بهم إلى الخيار الثانى، لأنهم مصممون على ألا يحترموا بلداً ولا مجتمعاً ولا وطناً.
ليس هذا فقط، وإنما كان الإخوان هم أول من أساءوا إليه، مع الأسف، وقد ردوا على الفضل منه بعكسه مرتين: مرة عندما اغتالوه، واستحلوا دمه من خلال جماعات خرجت من عباءتهم، ومرة عندما أحضر مرسى الذين قتلوه، وأجلسهم فى منصة النصر فى ذكرى أكتوبر 2012، لينعى الأبطال والشهداء حظهم الأنكد مع الإخوان.
السادات هو صانع نصر أكتوبر، وهو صاحب القرار، وهو البطل فى الموضوع كله، ومعه بالطبع رجال وأبطال مصريون كثيرون كانوا، ولايزالون، يعرفون قيمة مصر، وضرورة أن يضحوا من أجلها، والغريب أن بيننا إلى الآن من لايزال يستكثر عليه النصر، ويتمحك فى أشياء هنا مرة وهناك مرات، ليقلل من شأن الرجل ومن وزن النصر.. اذكروا محاسن السادات فإنها كثيرة.
نقلاً عن "المصري اليوم"