سليمان جودة
شىء جيد أن يدعو الذين يطلقون على أنفسهم «تحالف دعم الشرعية» إلى الحوار مع الدولة، للخروج من الأزمة الحالية، وهو جيد، لأن فكرة الحوار كمبدأ هى وحدها القادرة على الوصول لحل فى أعقد القضايا، إذا خلصت النوايا.
غير أن ما يجب أن ننتبه إليه هنا أن بعضنا يمكن أن يفهم من دعوة التحالف إياه أن الدولة رفضت وترفض مبدأ الحوار، وأنه، كتحالف، هو من يبادر بالدعوة إلى حوار، ويرحب به، وهذا بطبيعة الحال غير صحيح، لأن الثابت أن دعوة كهذه كانت مطروحة منذ اللحظة الأولى للإعلان عن خريطة المستقبل فى 3 يوليو الماضى.
وإذا كان بعضنا قد نسى، فعلينا أن نعيد تذكيره بأن خريطة المستقبل، حين إعلانها، أشارت بوضوح، لا يحتمل أى غموض، إلى أن الجميع، بمن فيهم الإخوان، مدعوون إلى المشاركة فى خطواتها الثلاث، ابتداء بالدستور، الذى أشرفت لجنته على الانتهاء منه، مروراً بانتخابات البرلمان، فالرئاسة فى النهاية.
هذا كلام معلن ومنشور منذ خمسة أشهر تقريباً، لكن الذين تعمدوا عدم الإنصات إليه اكتشفوا فى نهاية المطاف فيما يبدو أنه لا بديل عنه ولا عنها كخريطة مستقبل تمضى فى طريقها، وأنهم خسروا عندما لم يستجيبوا للدعوة عند بدايتها، وأنهم قد آن لهم أن يستدركوا خطأهم، لأن ما لا يدرك كله ليس من الحكمة أن تتركه كله!
ولكن.. يظل هناك شىء مهم، ينقص الدعوة التى جرى إطلاقها أمس الأول، وهذا الشىء هو أن يفهم التحالف الداعى إلى حوار أنه لا يمكن القفز فوق الأشهر الخمسة الماضية هكذا بسهولة، وأن ما جرى خلالها، من جانب منتمين إلى جماعة الإخوان تحديداً، لابد أن يكون موضع حساب قانونى يعاقب بالعدل كل من أخطأ فى حق البلد، أو فى حق المصريين.
والمقصود بالخطأ فى هذا السياق هو شىء محدد، وأعنى به ممارسة العنف أو التحريض عليه، ففى الحالتين نحن أمام جريمة تم ارتكابها فى الشوارع والميادين، وهى جريمة يعاقب عليها القانون العادى.
ولذلك يبدو غريباً أن تتضمن دعوة الحوار دعوة أخرى إلى الكف عن الاعتقالات ثم إلى الإفراج عن المعتقلين.. أما وجه الغرابة فهو الخلط بين شخص ارتكب جريمة عنف أو تحريض عليه، وصدر فى حقه أمر ضبط وإحضار من النيابة، وبين شخص آخر يجرى توقيفه، أو القبض عليه بمعرفة السلطة السياسية الحاكمة وليس بمعرفة النيابة.
ولابد أن إطلاق مسمى المعتقل السياسى على أى شخص من النوع الأول خلط مكشوف وغير مقبول، كما أن إطلاق مسمى «حملات الكراهية» على انتقادات فى الإعلام المصرى موجهة لأداء الإخوان، حين كانوا فى الحكم، أو بعده، يبقى كذلك خلطاً لا يجوز.. وبالإجمال، فإن على الذين أطلقوا دعوة الحوار أن يخاطبوا عقول الناس، وألا يقفزوا فوق ما فات.
نقلاً عن "المصري اليوم"