سليمان جودة
أى متابع جاد لأداء عمرو موسى فى رئاسة لجنة الخمسين المكلفة بوضع دستور ما بعد الإخوان لابد أن يسجل أولاً إعجابه بأداء الرجل فى موقعه، ثم يسجل ثانياً دهشته من أن يكون مرشحنا الرئاسى العتيد السابق قادراً على أن يؤدى بالهمة نفسها والعزيمة ذاتها فى كل موقع كان عليه أن يؤدى من أجل وطنه فيه!
نمسك الخشب طبعاً، ثم نعيد تذكير الذين نسوا بأن «موسى» كان هو فرس الرهان الأول فى سباق الرئاسة، عام 2012، وكانت غالبية كبيرة بين المصريين على يقين من أنه رئيس مصر القادم وقتها، وكانت كل الطرق تؤدى إلى هذه النتيجة، ولكن لأسباب، سوف تتضح فيما بعد حتماً، جرى حصر السباق فى مرحلته الأخيرة بين «مرسى» والفريق شفيق وحدهما ودون غيرهما، دون أى أسباب منطقية يمكن أن يستوعبها عقل، دون أن يكون فى ذلك أى تقليل من شأن الفريق شفيق طبعاً.
ويكفى هنا أن نشير إلى أن عمرو موسى كان هو الوحيد بين مرشحى الرئاسة الذى طرح برنامج عمل مكتوباً، سوف يلتزم بتنفيذ ما فيه، إذا ما كان التوفيق حليفه، وهو برنامج لم يكن نوعاً من «الإنشا» شأن برنامج مرشح الإخوان، ولكنه كان برنامجاً عملياً فى كل تفاصيله، وقابلاً لأن يتحقق على الأرض على يد صاحبه، وكان له أول كما أن له آخر، وكان كذلك كفيلاً بأن ينقل بلدنا من مكان إلى مكان آخر تماماً يليق به بين الأمم.
وحين خرج «موسى» من السباق، بعد مرحلته الأولى، كان ذلك دون شك موضع حزن وأسى وألم لدى كثيرين، لا لشىء إلا لأنه الوحيد من بين المرشحين جميعاً، الذى لم تكن عليه اعتراضات أو ملاحظات جوهرية، وكان يحظى بقدر واسع من التوافق بين المصريين، وكان قسط عظيم منهم يتفاءل بوجود رجل من نوعية عمرو موسى فى القصر الرئاسى، فقد كان ولايزال وجهاً محترماً على المستوى المحلى والإقليمى والدولى، وكان ولايزال صاحب طلة مألوفة تعرفه منها، وكان ولايزال كذلك من أفضل الذين يمكن أن يمثلوا بلدهم فى أى محفل عن جدارة واقتدار.
كنت فى مدينة «أصيلة» المغربية، صيف العام الماضى، وكان من المفترض أن يحضر هو منتداها السنوى، ولكنه لظروف البلد اعتذر، وأرسل كلمة مسجلة تذاع بصوته وصورته على الحاضرين، وما إن أشار السياسى المغربى العريق محمد بن عيسى، إلى أن مرشح مصر الرئاسى اعتذر، وأرسل كلمة، وأنها سوف تذاع علينا حالاً حتى ساد صمت شامل فى أرجاء القاعة.
وما إن انتهى منها، وقد كانت قصيرة ومعبرة وواصلة إلى المعانى من أقصر طريق حتى ضجت القاعة بتصفيق راح يدوى لدقائق من جنسيات عدة كانت حاضرة!
عندها.. همست فى نفسى: هذا رجل تليق به مصر، فى أى منصب، ويليق هو بها.
نقلاً عن "المصري اليوم"