سليمان جودة
كتب الأستاذ على سالم، فى صحيفة «الشرق الأوسط» صباح الأربعاء، يطلب من أصحاب القرار فى دول الخليج الصديقة، أن يدعموا جهاز الشرطة المصرية، فى مواجهة عنف، وإرهاب، وعبث، يمارسه الذين أزاحتهم ثورة 30 يونيو من الحكم، ضد كل مصرى.
والحقيقة، أن الكاتب الكبير قد وضع يده مباشرة على الشىء الذى نحن أحوج الناس إليه هذه الأيام، وهو دعم الشرطة دعماً حقيقياً لتكون قادرة على أن تفرض الأمن على أرض هذا البلد، بما يليق به وبها، وعلينا أن نفهم أن دعم الشرطة بكل طرق الدعم الممكنة، معناه المباشر، تحقيق الأمن للناس، وهذا بدوره معناه المباشر أيضا، إتاحة الفرصة للعمل، بوجه عام، وللاستثمار بوجه خاص، ثم للاستثمار الخاص، بوجه أخص.
لابد أن إخواننا فى الخليج، الراغبين فى مد يد العون إلى مصر، فى هذه المرحلة، يعرفون تماماً أن الأمن، بمفهومه العام، هو البداية، وهو النهاية أيضاً، وأنه لولا إدراكهم لذلك مبكراً عندهم، ولولا ذهابهم إلى ما أدركوه فى هذا السياق، من أقصر طريق، ما كان من الممكن أن يستقر لديهم مجتمع، ولا أن يتوافر على أرضهم عمل لبشر!
والمقصود بدعم الشرطة المصرية هنا، ليس إمدادها بالمال، أو إتاحة المساعدات المادية لها.. لا.. ليس هذا أبداً هو القصد، وإنما العمل على تدريب طواقمها على الأمن بمعناه الحديث، ثم مدها بكل ما يمكَّنها من تحقيق الأمن بهذا المفهوم تحديداً، فى أرجاء الوطن.
إن دولاً مثل البرازيل، أو المكسيك، أو غيرهما، كانت إلى فترات قريبة مرتعاً للجريمة بكل أنواعها، ولكنها أدركت فى لحظة، أن الأمن هو شعور مترسخ لدى كل مواطن، قبل أن يكون ضابطاً يقف هنا، أو جندياً يشير بيديه من هناك، وبمعنى آخر، فالمسألة ليست فى تكثيف التواجد الأمنى فى الشوارع من خلال العناصر الشرطية البشرية، ولكن المسألة فى حقيقتها، هى أن يحس كل مواطن فى أعماقه، بأن هناك عيناً فى كل مكان تراقبه، ليس بالطبع لاقتحام خصوصياته، وإنما لضبطه فى الحال، إذا ما تجاوز القانون، أو اخترقه، أو ارتكب ما يضعه فى إطار الخارجين على النظام العام.
ففى مدينة دبى، على سبيل المثال، لا ترى ضابطاً ولا جندياً، فى أى اتجاه، ولكن إذا حدث وخالفت المرور، أو ارتكبت جريمة من أى نوع، فإن الأرض تنشق عنهم، لتجد نفسك فى مواجهتهم فى أقل من طرفة العين!.. والحكاية بالطبع ليست سحراً، ولا هى من فنون السحر عموماً، ولكنها نظام أمنى حديث للغاية، يتيح وضع الشوارع والميادين كافة، تحت مراقبة فنية دائمة على امتداد 24 ساعة كاملة، لا تغفل للمراقبة عين فيها!
ولم يكن هناك ما هو أدل على ذلك، إلا أن الأمن فى مدينة المنامة، عاصمة البحرين، قد تمكن قبل شهر، من القبض على عصابة سرقت محلاً للساعات، وكان المدهش فى الموضوع أنه قبض على أحد أفرادها فى ألبانيا.. أى بعد أن غادر البحرين ذاتها، واجتاز بعدها عدة دول!
فى هذا الاتجاه، على وجه التحديد، يكون دعم جهاز شرطتنا، وهذا أيضاً، هو ما أفهمه من دعوة كاتبنا على سالم، وهذا للمرة الثالثة، هو ما يجب علينا أن ندفع نحوه، فى كل وقت.
نقلاً عن "المصري اليوم"