سليمان جودة
أرجو ممن لم يطالع «الأهرام» الصادرة أمس الأول، الثلاثاء، أن يعود إلى مطالعتها، خصوصاً صفحة الرياضة فيها، ليرى بوضوح كيف أن اللاعب أبوتريكة قد ارتكب جريمة فى المغرب، وأن هذه الجريمة لها عقاب تحدده قواعد اللعبة التى يمارسها هو نفسه.
فاللاعب ذهب إلى هناك، ضمن فريق النادى الأهلى، ليشارك فى مونديال الأندية المنعقد على أرض المغرب، وما كاد يجد نفسه أمام الكاميرا، حتى راح يتصرف بشكل أقل ما يوصف به أنه شكل مراهق، وغير مسؤول!
والحكاية أن فتاة أرادت أن تلتقط صورة معه، وهى ترفع الشعار السخيف إياه الذى يرفعه الإخوان هذه الأيام، متصورين أنهم يرفعون شيئاً له قيمة، ولم يمانع اللاعب بالطبع، وجرى التقاط الصورة التى أحدثت صدى سيئاً للغاية لدى كل من كان يتخيل أن لاعباً فى موهبة محمد أبوتريكة يمكن أن يكون عنده من الإحساس بالمسؤولية بقدر ما عنده من الموهبة فى كرة القدم!
وقد دار جدل واسع، منذ حدث ما حدث، عن شكل العقاب الذى يجب أن يخضع له اللاعب، إذ يبدو أنه فعل فعلته وهو مدرك مقدماً، أنه سوف يعتزل بعد هذه المسابقة التى يشارك فيها، وبالتالى، فإنه تصرف بالطريقة التى تصرف بها وهو يقول بينه وبين نفسه إن هذه البطولة هى آخر مرة يظهر فيها فى الملاعب، ولذلك، فلا شىء يملكه النادى إذا ما أراد أن يعاقبه!
فإذا عدنا إلى «الأهرام» وجدنا أن صفحة الرياضة قد نقلت حرفياً ما تقوله لائحة «فيفا»، أى الاتحاد الدولى لكرة القدم، وكيف أنه محظور بنصها على أى لاعب أن يرفع وهو يلعب شعاراً شخصياً، أو سياسياً، أو دينياً، وأنه إذا فعل، فإن عقوبتين يجب توقيعهما عليه فوراً: واحدة من «فيفا» نفسه، وأخرى من إدارة البطولة المشارك فيها.
وبما أنه رفع شعاراً سياسياً دينياً معاً، فى غير مكانه، فإنه يخضع للعقوبتين، ولابد من توقيعهما عليه، على الفور، دون أن يكون موضوع اعتزاله عائقاً فى هذا الطريق.
إننا، والحال كذلك، أمام لاعب له جماهيريته وشعبيته، وأمام لاعب على درجة كبيرة من الموهبة دون شك، غير أننا، فى الوقت ذاته، أمام لاعب لم يحترم الجماهيرية، ولا الشعبية، ولا الموهبة، وتصرف خارج البلد على أنه لا يمثل بلده الذى صنع منه نجماً، وإنما تصرف على أنه يمثل فصيلاً فى البلد، ويلعب باسمه وحده مع كل أسف!
كان الواحد يعتقد، إلى وقت قريب، أنه كلاعب له مكانته بين أهل كرة القدم أكبر من أن يتصرف بطريقة صغيرة، ومتدنية، إذا ما ذهب ليمثل وطنه فى أى بلد، فإذا به، بما فعل، يُمرِّغ أنف موهبته فى التراب، ثم يثبت أن الإنسان يمكن أن يكون موهوباً جداً، ثم تفتقر موهبته، فى ذات الوقت، إلى الأخلاق، وإلى المسؤولية، فلن يكون لها أى وزن.
نقلاً عن "المصري اليوم"