سليمان جودة
انعقدت القمة الرابعة والثلاثون لدول مجلس التعاون الخليجى الست، يومى الثلاثاء والأربعاء الماضيين فى الكويت، وفى نهاية اليوم الثانى، صدر عنها بيان ختامى كان متوازناً إلى حد معقول، خصوصاً فيما يتصل بعلاقة العواصم الست مع طهران، فى ظل توجهات الرئيس حسن روحانى، التى توصف بأنها معتدلة.
والتوازن الذى أقصده هنا هو أن الاعتدال فى سياسة إيران تجاه جيرانها، ثم تجاه المنطقة إجمالاً، ليس كلاماً عسلياً يقال على لسان «روحانى» مرة، ثم على لسان وزير خارجيته، محمد ظريف، مرة أخرى، وإنما هو أفعال على الأرض، وهذا بالضبط ما جاء فى البيان، وهذا بالضبط أيضاً ما يجب الإصرار عليه طول الوقت.
ولم يتوقف البيان بالطبع عند حدود علاقة إيران بالدول الخليجية الست بدءاً من عمان فى جنوب الخليج العربى، وصولاً إلى الكويت فى الشمال، مروراً بالمملكة السعودية ثم قطر، فالإمارات، فالبحرين، وإنما كان هناك كلام عن موقف القمة مما يجرى فى مصر، منذ أطاحت ثورة 30 يونيو بالإخوان بسبب عجز، ثم فشل، كانا معاً هما أبرز السمات لعام كامل لهم فى الحكم.
جاء فى البيان أن القمة تدعم خيارات الشعب المصرى، وأن... وأن... إلى سائر العبارات التى يمكن أن تصب فى النهاية فى هذا المعنى: دعم خيارات المصريين.
ولكن.. حدث أن جرى تسريب من داخل القمة عن الخلاف الذى وقع بين قادة وممثلى الدول الست فى الاجتماع عند صياغة العبارة الخاصة بدعم القاهرة.
التسريبات الشفوية قالت إن أربع دول من الدول الست كانت ترى دعم مصر بشكل مطلق، وكانت ترى دعم الحكومة الانتقالية الحالية، بالشكل نفسه، غير أن دولتين يمكن تخمين اسميهما على كل حال رأت كل واحدة منهما أن تأتى الصيغة على ما صدرت عليه، أى دعم خيارات الشعب والمصريين عموماً، دون دعم حكومة الفترة الانتقالية القائمة تحديداً.
وحين تتأمل أنت معنى تمسك الدولتين إياهما بالصيغة إياها بما يمكن أن يكون قد أحرج الدول الأربع، فإنك تجد نفسك أمام احتمالين لا ثالث لهما، أولهما أن السلطة الحاكمة فى كل عاصمة منهما تتصور أن الحكومة الحالية شىء، وأن الشعب المصرى شىء آخر، وهو تصور خاطئ بنسبة مائة فى المائة، لأن الانتقادات الحادة التى نوجهها جميعاً لسلطة المرحلة الانتقالية عندنا لا تعنى أبداً أنها لا تمثلنا.. وأما الاحتمال الثانى فهو أن نوعاً من الظن يمكن أن يقع فى يقين كل دولة منهما بأن خيار المصريين يمكن أن يكون مع الإخوان مرة أخرى، وهو الشىء المستحيل بعينه.
بقى أن أقول إن الدولتين فى حاجة إلى مراجعة موقفيهما سريعاً، وبشكل جذرى، لأن رهان المصريين على الإخوان، طوال عام لهم فى الحكم، انتهى إلى الأبد، ولم يعد المصريون يثقون فى الجماعة الإخوانية بأى مقدار بعد تجربة العام التعيس، ثم جاءت تجربة كل مصرى مع الجماعة منذ ثورة 30 يونيو، لتقول إنها كجماعة ليست حريصة على هذا الوطن، ولا على أبنائه، وإنه لا مانع عندها من فناء الاثنين، الوطن والأبناء، إذا كان ذلك سوف يعيد لها السلطة.. وبالإجمال، فإذا كانت هناك كلمة يجب توجيهها للدولتين فهى ما قال به الفريق أول السيسى، حين قال إن المصريين لا ينسون من وقف معهم وكذلك من وقف ضدهم.
نقلاً عن "المصري اليوم"