سليمان جودة
أدعوك، قبل أن تطالع مواد دستور ما بعد الإخوان، الذى سيجرى الاستفتاء عليه يومى 14 و15 يناير المقبل، أن تقرأ الديباجة، أو المقدمة التى تمهد له، والتى تحمل توقيع عمرو موسى، وهو توقيع موجود على كل حال، فوق كل صفحة من صفحاته، تأكيداً على أن هذه التى بين يديك.. والتى تحمل توقيع الرجل، هى النسخة الأصلية، لا المزورة، التى يحاول بها الإخوان، كعادتهم دائماً، التشويش على كل شىء جيد فى البلد. فى هذه المقدمة، التى أدعوك لقراءاتها مرتين، مرة قبل قراءة مواد الدستور إجمالاً، ومرة بعد الفراغ من قراءتها، لأنك عندئذ، سوف تكتشف أن فى المقدمة ثلاث كلمات لا رابع لها، هى بمثابة المادة 248 فى الدستور، إذا ما عرفنا أن مواده 247 مادة لا غير.
الكلمات الثلاث هى: «ثورة 25 يناير - 30 يونيو» وكما ترى، فإن «موسى» بشكل خاص، ثم أعضاء لجنة الخمسين، بشكل عام، لما أرادوا أن يتكلموا عن 25 يناير 2011، ثم عن 30 يونيو 2013 - لم يشاءوا أن يفرقوا بينهما، كما يروج الإخوان ويشيعون فى كل وقت، وإنما رأت «الخمسين» أن ما حدث فى 30 يونيو جاء مكملاً بطبعه لما كان قد جرى فى 25 يناير، وأنهما شىء واحد، وأن اعتراف الجماعة الإخوانية، بالأولى، وإنكار الثانية من جانبهم، كإخوان، إنما يعبر عن مرض أكثر من تعبيره عن أى شىء آخر عندهم.
كانوا، ولايزالون، يتمسحون فى 25 يناير، ويتمحكون وهم يتكلمون عنها، لسبب مفهوم وواضح، هو أنها كحدث، قد فتحت أمامهم الطريق، للسطو على ما لم يشاركوا فيه، إلا متأخرين جداً، فحصلوا، عن غير حق، على شىء ليسوا هم أصحابه، ولذلك، فإن وضع التاريخين فى مقدمة الدستور، تحت عنوان واحد، وفى جملة واحدة، إنما ينهى أولاً الجدل حول ما إذا كانت إحداهما ثورة، والثانية لم تكن كذلك، ثم إنه، ثانياً، وهذا هو الأهم، يقطع الطريق على كل إخوانى صفيق، يكذب على الله، وعلى الناس، ويقول بأن «الخمسين» والذين معها، ينكرون 25 يناير.
هذا بالطبع لم يحدث، وإنما هى دعاية إخوانية ساقطة، ومكشوفة كالعادة، وتشير إلى أن المصلحة الإخوانية المجردة، هى التى تحكم موقفهم فى الحالتين.. فـ25 يناير ثورة فى نظرهم، لأنها قدمت لهم الحكم فى غفلة من الزمن، و30 يونيو ليست ثورة، لأنها نزعت عنهم حكما لم يكونوا أهلا له أبداً، ولأنهم كانوا فى الحقيقة، أصغر من مسؤولياته بكثير.
هى، إذن، ثورة واحدة، وإذا شئنا الدقة قلنا إنه «فعل» واحد، وإن ما جاء فى 30 يونيو، وكان مفاجئاً للعالم كله، كان فى الأصل لاسترداد ما أراد الإخوان أن يبتلعوه، بعد أن سرقوه، ثم تبين، لسوء حظهم، أن ما سرقوه فى 25 يناير، أكبر من قدرتهم على الابتلاع، وعلى الهضم.
الكلمات الثلاث، هى المادة غير المكتوبة فى الدستور، وهى معاً كذلك، تمثل المادة رقم 248، فإذا شئنا أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح، قلنا إنها - أقصد الكلمات الثلاث - هى المادة رقم واحد فيه، لأنها تضع حجراً فى فم كل إخوانى، وتدعوك فى الوقت ذاته، لأن تقول له «نعم» بأعلى صوت، فى يومى التصويت.
نقلاً عن "المصري اليوم"