سليمان جودة
تفصيلة صغيرة من بين تفاصيل حادث المنصورة الإرهابى، تكشف لنا عن نوع آخر من الجهد، يجب على الحكومة أن تقوم به بجدية كاملة ودون تأخير، لعلها تنقى الأرض من تحت قدميها وهى تعمل، فلا تتعثر فى كل خطوة تخطوها.
فمن بين ما قيل بعد الحادث بساعات، أن سيارات الإسعاف استغرقت وقتاً فى الوصول إلى موقع التفجير، ولم يسأل أحد من المسؤولين المعنيين نفسه، عما إذا كان تأخير كهذا، كان طبيعياً، أم أنه كان عن قصد!
أقول هذا بعد أن همس لى صديق أثق فى كلامه، أن الشخص المسؤول عن مديرية الصحة فى الدقهلية، الآن، معروف بميله إلى الإخوان، وأنه كان موجوداً فى أسوان، قبل مجىء «الجماعة» إلى الحكم ذات يوم أسود، ثم نقلوه من أقصى الجنوب، حيث يقيم الصديق الذى لفت انتباهى لما يجب أن تنتبه له الحكومة، إلى الدقهلية، حيث يمارس هو عمله منذ وقت وجود «مرسى» فى السلطة!
الأخطر فى المسألة كلها، أن نقل الشخص إياه من موقع فى أسوان إلى موقع مماثل فى الدقهلية، لم يتم عبثاً، ولم يكن مصادفة، ولا حتى جاء على مستوى الشخص المشار إليه وحده، وإنما جاء وقتها ضمن خطة تقضى بوضع موظفين موالين للإخوان فى المواقع ذات التأثير الجماهيرى، على مستوى الجمهورية، خصوصاً فى المحافظات التى كانت قد أعطت أصواتها للفريق شفيق، ومن بينها الدقهلية على سبيل المثال.
والسؤال هو: هل كان للشخص الذى أعنيه دور فى تأخير وصول عربات الإسعاف إلى المكان؟! وإذا كان له دور، فهل يجوز أن نتركه، هو أو غيره، فى منصبه لحظة واحدة؟!
لا نطلب فصل أحد من عمله، ولا اضطهاد أحد، ولا تعذيبه، ولكن نطلب إبعاد أى بنى آدم لا يكون ولاؤه خالصاً لهذا البلد عن الموقع الذى يشغله، بحيث يأخذ جانباً، فلا يعطل مسيرتنا نحو مستقبلنا.
كان المتصور أن يكون ولاء أى إنسان فى وقت الإخوان، أو فى غير وقتهم، إلى هذا الوطن، لا إلى غيره أبداً، وأن يكون ولاؤه مجرداً خالصاً لا تشوبه شائبة، فإذا بنا، طوال عام، لا أعاد الله مثله علينا، أمام جماعة تقدم إخوانية المواطن على مصريته، وتتطلع إلى كل واحد فينا من منظور إخوانيته، لا مصريته، بكل أسف!
فما هو المطلوب الآن من الحكومة على وجه السرعة؟!.. مطلوب منها أن تغربل كل الأسماء التى تم وضع أصحابها فى وظائف حكومية، أثناء ذلك العام، لترى على أى معيار بالضبط تم وضع هذا فى مكان بعينه، ونقل ذاك إلى مكان غير مكانه.
جاء علينا وقت كان الولاء لغير بلدنا هو الأصل فى الوجود فى المناصب المهمة، ولايزال بعض هؤلاء فى مواقعهم، ويستحيل أن يدوم وضع من هذا النوع، وإلا فسوف تجد الحكومة أنها تعمل مع فريق من الموظفين، يتظاهرون أمامها بغير حقيقتهم، وسوف تكتشف فى لحظة الجد، أن أجساد بعض هؤلاء الموظفين معها كحكومة، بينما قلوبهم مع «الجماعة».. وبالعربى الفصيح، سوف نكون أمام «طابور خامس» من نوع فريد!
نقلاً عن "المصري اليوم"