سليمان جودة
من الأشياء التى تدعو إلى الدهشة أن يوم إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية، بقرار رسمى من مجلس الوزراء، هو نفس يوم ذكرى ميلاد الرئيس السادات الذى جاء إلى الدنيا يوم 25 ديسمبر 1918، ويشاء الله تعالى أن يكون 25 ديسمبر 2013، هو الذى جرى فيه إصدار ذلك القرار.
الأكثر مدعاة للدهشة أن 25 ديسمبر وافق يوم أربعاء، وأن خلع «مرسى» والإخوان، من الحكم، على يد ملايين المصريين، فى 3 يوليو الماضى، كان يوم أربعاء أيضاً!.. وكأن القدر لهم بالمرصاد!
غير أن المفارقة الأولى تظل هى الأهم، لأنها تأتى وكأن السماء قد أرادت، من ورائها، أن تعوض الراحل السادات عما ارتكبوه هم فى حقه من جرائم، رغم أنه كان صاحب فضل كبير عليهم!
صحيح أن بعض رموز «الجماعة الإسلامية» التى كانت هى الفاعل الأساسى فى اغتيال الرجل، والتى خرجت من باطن «الإخوان» كجماعة أُم، قد ندموا على ما فعلوه.. أقول إنه صحيح أن هذا قد حدث من جانب بعض رموز الجماعة الإسلامية، ولكن إذا كان صحيحاً أن رجالاً فيها، أقصد الجماعة الإسلامية، قد كرروا على مسامعنا مراراً أن قتل السادات كان خطأ فى خطأ، فإن هذا لا ينفى أن الجماعة الأم، أى جماعة الإخوان، قد أساءت إليه مرتين:
مرة عندما دفع هو حياته ثمناً لقرار كان قد أصدره، فى بداية حكمه، بأن يعمل الإخوان فى النور، وأن يتحركوا فى المجتمع، فى إطار القانون، فإذا بهم يخططون للسطو على المجتمع كله، وإذا بهم يدبرون من أجل السطو على الحكم ذاته، وليس أدل على ذلك إلا رد فعلهم على ثورة 30 يونيو.. إذ المفهوم، فى العالم كله، أن أى حزب يخسر السلطة، بأى طريقة كانت، فإنه أبداً لا يخرج على المجتمع رافعاً سيفه، وإنما يتقبل ما حدث، بمنطق سياسى بحت، ثم يذهب إلى مراجعة أسباب سقوطه، لعله يتجنبها فيما بعد، وهذا ما لم يحدث مع الأسف، من خلال كل ما نراه يومياً، منذ الثورة، إلى الآن.. إذ لا نرى إلا «جماعة» من الهمج تعربد فى أكثر من اتجاه!
وأما الإساءة الثانية، من جانبهم، للسادات، فكانت عندما راحوا يحتفلون بذكرى حرب أكتوبر 73، فى عام 2012، فإذا بمرسى، رئيس الدولة حينها، يأتى بعدد من الذين جرى اتهامهم علناً فى اغتيال الزعيم الراحل، ثم يجلسهم فى منصة الاحتفال!
كم كان صعباً، يومها، أن يتقبل المصريون، عامة، والجيش المصرى، خاصة، مشهداً من نوع ما أذيع على العالم من وقائع الاحتفال.
كان السادات، ولايزال، هو صاحب قرار الحرب، وكان مع ضباطه وجنوده العظام، هم الذين صنعوا النصر، وهم الذين أعادوا الكرامة المهدرة فى 1967، وهم الذين ردوا لنا الاعتبار، ولهذا، فربما كان التوافق الذى جرى فى 25 ديسمبر 2013، مع ذكرى ميلاده، نوعاً من رد الاعتبار الإلهى إليه، من حيث لم يتوقع أحد!
نقلاً عن "المصري اليوم"