سليمان جودة
تفكر الصين هذه الأيام فى إلغاء «معسكرات العمل» التى كانت قد أخذت بها عام 1957.. فما هى القصة، وما علاقتنا نحن بها؟!
فالحكومة فى بكين كانت قد واجهت وضعاً أشبه ما يكون بالوضع الذى نواجهه اليوم من حيث اتجاه بعض أبناء المجتمع، خصوصاً أعضاء جماعة الإخوان، إلى إحداث الشغب فى المجتمع، ومحاولة تعطيل مسيرته نحو مستقبله.
وقتها لم تفكر الحكومة الصينية طويلاً، وإنما اتجهت من أقصر طريق إلى إنشاء ما تعارفوا عليه منذ تلك اللحظة إلى لحظتنا هذه بأنه «معسكرات عمل»، وكانت فكرتها تقوم فى أساسها على حق الشرطة فى أن تأخذ من تراه إلى هذه المعسكرات لأربع سنوات، دون المرور على المحاكم.
وقد ذكرت بعض الصحف أن عدد الذين تم إلحاقهم بمعسكرات من هذا النوع من عام 1957 إلى عام 2013 بلغ 190 ألفاً، وإن كنت من جانبى أظن أن العدد أكبر من هذا بكثير، لأنك تتكلم عن معسكرات فى دولة عرفها العالم بكثافة سكانها الذين تجاوزوا فى عام 2014 ملياراً و200 مليون بنى آدم.
لم تذكر الصحف التى أوردت الخبر الأسباب الكاملة وراء تفكير السلطات فى العاصمة الصينية فى إلغاء تلك المعسكرات، وإن كان بعض هذه الصحف قد قال إن من بين الأسباب وجود انتهاكات لحقوق الإنسان فيها.
من ناحيتى، أدعو دائماً إلى أن نكون أحرص الناس على كل حق من حقوق الإنسان، باعتباره إنساناً خلقه الله تعالى مكرماً، غير أنى فى الوقت نفسه لا أستطيع أبداً أن أنسى أن رئيس وزراء إنجلترا قد قال ذات يوم إن الأمر إذا ما تعلق بأمن بلاده، بريطانيا، فلتذهب حقوق الإنسان كلها إلى الجحيم!
وإذا كان هناك من سوف لا يعجبه هذا المنطق فإنى أسأله: أى حق بالضبط من حقوق الإنسان يجب أن نحرص عليه مع مجموعة مارقة ممن يوصفون بأنهم طلاب جامعة اقتحمت على عميد صيدلة الزقازيق مكتبه، واعتدت عليه حتى سقط مغشياً عليه، وطالعنا جميعاً صورته وهو منقول على محفة إلى المستشفى؟!
ثم أسأل: أى حق بالضبط من حقوق الإنسان يمكن أن نتكلم فيه ـ بالنسبة لطلاب فى جامعة الأزهر، أو فى غيرها، يقتحمون قاعات المحاضرات ويحرقونها ويحطمون أثاث المبانى ويمنعون زملاءهم من أداء الامتحان، ويعتدون على عمداء الكليات؟!
الحقيقة أن الكلام عن أى حق من حقوق الإنسان بالنسبة لبشر من هذا النوع إنما هو ترف بالغ لا نحتمله، ولا هذا هو وقته، وبالتالى فإننا إذا كنا قد طالبنا الدولة مراراً بأن تأخذهم إلى التجنيد، ليتعلموا هناك ما لم يتعلموه فى الحياة، ولم تستجب الحكومة لأسباب ليست واضحة، فلتجرب أن تأخذهم، هم وغيرهم ممن لا يحترمون الدولة ولا يقيمون لها اعتباراً، إلى «معسكرات عمل» من النوع الصينى، فهى دواء أعتقد أنه سيكون شافياً ورادعاً فى آن واحد.
نقلاً عن "المصري اليوم"