سليمان جودة
قيام بعض أتباع الإخوان بحرق سيارات للشرطة لا يدل فقط على أن كلامهم على سلمية مظاهراتهم كلام كاذب من أساسه، وإنما يتكفل بالإبلاغ عن الفاعل فى جريمة أخرى كبرى وقعت منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ولايزال مرتكبها مجهولاً!
هل تذكرون جريمة إحراق 99 مركزاً وقسم شرطة يوم 28 يناير 2011؟!.. هل تذكرون أن إحراقها قد تم فى يوم واحد، وفى توقيت واحد، وبطريقة واحدة؟!.. هل تذكرون الاعتداء على الضباط والجنود فى الأقسام والمراكز فى ذلك اليوم؟! هل تعرفون ـ الآن ـ لماذا حصل الضباط المتهمون فى جرائم ذلك اليوم تحديداً على البراءة من القضاء عندما جرى اتهامهم بالاعتداء على متظاهرين؟!
هل يمكن النظر إلى أى شخص يعتدى على قسم شرطة، أو راح يحرقه على أنه متظاهر، أو أن له علاقة بالتظاهر، كثقافة من قريب أو من بعيد؟!
هل تذكرون الآن أيضاً أن أول ما فعله أتباع الإخوان الهمجيون يوم فض اعتصام رابعة فى 14 أغسطس الماضى، أنهم أضرموا النار فى عدد من أقسام ومراكز الشرطة، وفى الكنائس، واعتدوا عليها، وأن هذا نفسه ما يفعلونه اليوم إنما هو صورة بالكربون مما جرى يوم 28 يناير؟!
الشىء المحير حقاً أنهم يتباهون هذه الأيام بإحراق سيارة شرطة هنا، أو بالاعتداء على نقطة بوليس هناك، وكأن الله تعالى قد رزقهم مع الغباء نوعاً من عمى البصيرة، بما يجعلهم يرتكبون الجريمة ثم يتفاخرون بها على الملأ بين الناس.
لقد عشنا على مدى ما يقرب من سنوات ثلاث، نتساءل عن حقيقة المجرم الذى خطط لجرائم 28 يناير، ولم نكن نعرف أنه سيأتى يوم يتولى فيه هذا المجرم الإبلاغ عن نفسه بنفسه بارتكاب الجرائم ذاتها، والأفعال نفسها!
إننى كلما قرأت اليوم عن جريمة من هذا النوع اعتبرتها ورقة إدانة جديدة تضاف إلى ملف قديم كان لابد من التوصل إلى حقيقة الفاعل فيه.
لقد أوهمنا هؤلاء الأوغاد وحاولوا أن يقنعونا لفترة طويلة بأن المتظاهرين الغاضبين هم الذين أحرقوا المراكز والأقسام فى 28 يناير، وكنا نكاد نصدق، وفى كل مرة كان يحصل فيها ضابط على البراءة فى تلك الأحداث كنا نسأل أنفسنا من جديد عن طبيعة ما جرى فى ذلك اليوم، وعن حجم المسكوت عنه فى مثل هذا الملف الضخم.
وربما نفهم الآن لماذا كان الإخوان، طوال عام لهم فى الحكم، مهمومين فى المقام الأول بتقفيل الملفات التى صاحبت وصولهم إلى السلطة، وبمعنى أدق سطوهم عليها، فما رأيناه منهم طوال العام لم يكن من الممكن أن يصدر عن ناس وصلوا إلى الكرسى بالطريق الطبيعى!
إلى هذا الحد كان التآمر على هذا البلد؟!.. نعم إلى هذا الحد، وأكثر منه مما سوف يتكشف فى أيام مقبلة، وإذا كان القانون يضع عقاباً للشخص الذى «علم ولم يبلغ» عن جريمة محددة، فإننا منذ 25 يناير 2011 أمام أشخاص من نوع فريد، لأن كل واحد فيهم قد أحرق ثم أبلغ عن نفسه فى جريمتين: الحالية والماضية!
نقلاً عن "المصري اليوم"