سليمان جودة
وأنت تتابع، اليوم، أجواء الاحتفال بمرور ثلاث سنوات على 25 يناير 2011، أتمنى لو تسأل نفسك: لماذا يؤمن الإخوان بـ25 يناير، ويحبون ذكراها كل هذا الحب، ولماذا تظل مشاعرهم تجاه 30 يونيو على النقيض تماماً؟!
إننى أسأل السؤال بأمانة شديدة، ثم إننى أسأله، وفى ذهنى، كما أنه لابد فى ذهنك أيضاً، أن «25 يناير» مصرية، وأن «30 يونيو» مصرية كذلك، وأن الذين قاموا بهذه فى عام 2013، هم من عموم الناس وآحادهم، وكذلك الذين قاموا بتلك فى عام 2011.. ولا فرق، أو هكذا نفترض.
ولكن.. عليك أن تنتبه جيداً إلى أن الجيش المصرى العظيم، الذى انحاز إلى إرادة المصريين الغالبة، فى عام 2011، هو ذاته الذى انحاز إليهم فى عام 2013.. صحيح أن الانحياز فى المرة الأولى كان ضد نظام مبارك، وفى المرة الثانية كان ضد نظام الإخوان، ولكن المنحاز فى الحالتين كان واحداً، وهو الجيش، كما أن المنحاز إليه كان واحداً كذلك، وهو الشعب المصرى فى إجماله، ولا شعب سواه.
ولا تخلو المسألة فى الحالة الأولى من مفارقة مدهشة، لم نتبينها فى وقتها، وهى أن الإخوان كانوا هم الذين يغذون ذلك الشعار البذىء فى الهتاف ضد الجيش فى هذا الميدان مرة، وفى ذاك الشارع مرات، من أجل الضغط على المجلس العسكرى الحاكم آنذاك، ومن أجل أن يخضع لهم ويرضخ لرغبتهم الجامحة فى الوصول إلى السلطة بأى ثمن، ومن أى طريق!
أعود إلى سؤال البداية، وهو على النحو التالى: إذا كان انحياز الجيش، فى المرتين، إلى الوطن، لا إلى شىء آخر، فلماذا يبدو فى مرته الأولى محبباً إلى نفوس الإخوان، ولماذا يبدو فى مرته الثانية على العكس بطول الخط؟!
هنا - هنا على وجه الدقة - سوف يكشف لك الجواب عما يريده الإخوان بالضبط.. إنهم يريدون السلطة التى أوصلتهم إليها ثورة 25 يناير بالطرق التى تابعنا بعضاً منها، ولايزال بعضها الآخر يتكشف يوماً بعد يوم، فإذا ما تعلق الأمر بثورة 30 يونيو اختلفت الحكاية مائة فى المائة، لأنهم فى هذا اليوم فقدوا السلطة.
سوف يرد واحد ويقول: طبيعى أن يحبوا 25 يناير، لأنه هو اليوم الذى جاء لهم بالكرسى، وأن يكرهوا 30 يونيو لأنه اليوم الذى نزعه منهم.
وسوف أقول: لا.. هذا ليس طبيعياً، ولا مقبولاً بمقاييس البشر الأسوياء، لأن السلطة بالنسبة لأى جماعة تسعى إليها لا يجوز أن تكون هدفاً فى حد ذاتها بهذا الشكل، وإنما هى وسيلة لتحقيق مصالح الناس على الأرض، فإذا ما فقد أى حزب السلطة، فالمفترض أن يتقبل ذلك بنفس راضية، وأن يتعامل مع المسألة على أنه فقد وسيلة، ولم يفقد هدفاً، وبالتالى فإن عليه، إذا كان حزباً سياسياً سوياً سلمياً، أن يستدير، وأن يأخذ خطوة إلى الوراء، وأن يبدأ فى مخاطبة ناخبيه من جديد، لعلهم يقتنعون بخطابه، وأن يراجع أفكاره، وطريقته، وأسلوبه، وأن يقر بأخطائه، وأن يعترف بها.
كل هذا لم يحدث منه شىء، من جانب الإخوان، منذ 30 يونيو، بما يوضح لك، بأنصع بيان، أن الوطن - كوطن - ليس فى بالهم، وأنك - كناخب - لست فى خاطرهم، وأنها السلطة والسلطة وحدها.. فهل هذه جماعة تأتمنها أنت كمواطن على بلد؟!
نقلاً عن "المصري اليوم"